الإعجاز التشريعي في نظام الأسرة (1)

الإعجاز التشريعي في نظام الأسرة (1)

فاق الإسلام جميع التشريعات في اهتمامه وعنايته بالأسرة، ولا أدلّ على ذلك من الآيات التي خصّها بها؛ إذ حرص الشّارع الحكيم على تنظيم العلاقة بين أفراد الأسرة، سواءً على المستوى التشريعي أم السلوكي والأخلاقي، وفصّل في شأنها القرآن تفصيلا دقيقًا؛ ذلك أن حفظ الأسرة حفظ للدين والإنسان وتوجيه لمسار العمران ، فأول أسرة تأسست في الجنة، حيث خلق الله –تعالى- آدم وحواء من نفس واحدة وجعل أول مسكن أسري وبيت زوجي لهما (الجّنة).وسميت بعض السور القرآنية بأسماء ذات صلة بالقضايا الأسرية، وهي تقارب العشرين سورة، فالسورة الثالثة في ترتيب القرآن الكريم سميت بإحدى الأسر، وهي آل عمران، والسورة الرابعة من أكبر السور القرآنية  هي سورة النساء ،والسورة الخامسة سميت سورة المائدة، والمائدة هي الأثاث الذي تستخدمه الأسرة، وسورة الحجرات نسبة إلى البيوت  التي كان يقيم فيها ،وسورة المجادلة، مسماة بهذا الاسم نسبة لقصة المرأة التي جادلت الرسول بشأن زوجها الذي ظاهر منها، وسورة الممتحنة نسبة إلى امتحان النساء المهاجرات...،وسورة الطلاق، فهي مسماة بقضية أسرية واضحة، والتحريم تتعلق بمناسبة ذات صلة بالأسرة وقعت في بيت النبوة، والمزمل والمدثر سورتان اسماهما من فعل ذات صلة بالرسول  وامرأته خديجة-رضي الله عنها- حين جاءها مرتعشا مرتعدا من آثار اللقاء بالوحي في أوائل التكليف بالرسالة، فجاءها طالبا أن تزمله وتدثره بأغطية بيتية وتتعلقان بالنوم والراحة البيتية...إلى غير ذلك من السور التي لها ارتباط بقضايا الأسرة. وأقسم سبحانه وتعالى بأبي البشرية ورب الأسرة الأول آدم -عليه السلام- وبذريته الذين تناسلوا من بعده

فقال سبحانه:

{وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ }

( البلد:3).

وممن قال بأن الوالد هنا آدم، وما ولد ذريته مجاهد، وقتادة والضحاك وسفيان الثوري  وابن كثير وغيرهم، وقدم ابن كثير تبريرا لاستحسانه هذا الرأي في المراد من هذا القسم، فبين أنه –تعالى- لما أقسم بأم القرى: "لا أقسم بهذا البلد...وهي أم الْمَسَاكِنُ ، أقسم بعده  بِالسَّاكِنِ وهو آدم أبو البشر وولده، فكأنه أقسم بأصول الموجودات.( تفسير ابن كثير8/392).ويشير هذا القسم إلى أهمية الوالد والولد، وإذا ثبت ذلك لهما فمن المنطقي أن تنسحب هذه الأهمية على المجموعة التي تنشأ منهما وهي الأسرة.

المؤلفون د.خالد راتب
التصنيف التشريعي و البياني
الوسوم الإعجاز التشريعي في نظام الأسرة
عدد المشاهدات 406
عدد المشاركات 2
شارك المادة
تحميل المادة

مواد ذات صلة

الإعجاز التشريعي في نظام الأسرة (2) (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا)(النحل:80)

الإعجاز التشريعي في نظام الأسرة (2) (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا)(النحل:80)

كرر القرآن الكريم ذكر البيت في معناه الأهم وهو مأوى الأسرة، فورد استخدامه في معانيه المتنوعة خمسا وستين مرة، منها ثلاث وأربعون مرة بمعنى منازل الناس التي يلوذون إليها في معاشهم ومنامهم وعشرتهم في الدنيا، على مختلف صور تلك المنازل، حصونا كانت أو خياما أو بيوت من حجر، وسواء أكانت للأنبياء أم لغيرهم من الناس، فالبيت من أساسيات الأسرة، وهو مأوى أفرادها، وتكرار ذكره يشير إلى أهميته، والاهتمام بساكنيه.

الإعجاز التشريعي في نظام الأسرة(3){وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} (النساء :21)

الإعجاز التشريعي في نظام الأسرة(3){وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} (النساء :21)

لم يصف القرآن الكريم عقداً من العقود بما وصف به عقد الزواج، فقد وصفه بأنه الميثاق الغليظ، قال تعالى: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} (النساء :21)