أساليب الدفاع والهجوم عند الطيور

أساليب الدفاع والهجوم عند الطيور

قال تعالى :

{وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ مَا فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}

[الْأَنْعَام: 38]

، والمماثلة في قوله (أَمْثالُكُمْ): التشابه في فصول الحقائق والخاصات التي تميز كل نوع من غيره، وهي النظم الفطرية التي فطر الله عليها أنواع المخلوقات. فالدواب والطير تماثل الأناسي في أنها خلقت على طبيعة تشترك فيها أفراد أنواعها، وأنها مخلوقة لله معطاة حياة مقدرة مع تقدير أرزاقها وولادتها وشبابها وهرمها، و لكنها لا تماثل الإنسان في التفكير والحضارة المكتسبة من الفكر الذي اختص به الإنسان”.

 إن حياة الطير ليست حياة سهلة، فهو مضطر أن يظل حذرًا منتبهًا لما يدور حوله ليس لكي يستطيع الحصول على طعامه فحسب بل لكي يتفادى الخطر من أعدائه، لذلك يجب أن يتقن أساليب الدفاع والهجوم إذا أراد أن يكون له بقاء، ونظر الطيور الثاقب يمكنها من الاستدلال على مصدر طعام – أو خطر مقبل – من مسافة بعيدة فبإمكان الطير أن يميز أشياء عن بعد نحتاج فيه نحن إلى منظار مكبر لنرى أي شيء فيتمكن الطير من اتخاذ موقف هجومي أو دفاعي حسب الحاجة كذلك السمع الحاد فأنه يعطي الطيور ميزة على الإنسان فالخبراء يعتقدون أن سمع البوم يفوق سمع الإنسان بمئة ضعف، وتلجأ الطيور إلى الطيران عادة للهرب من أعدائها على الأرض، إلا أن هذا الأسلوب لا ينفعها مع الطيور الكواسر التي تكون عادة من أسرع الطيور، ففي هذه الحالات من الأفضل لها أن تختبئ وتأمل بأن لا يراها العدو. إن الطيور التي لا تطير لا تستطيع  أن تهرب من الخطر بواسطة الطيران لذلك فأفضل أساليب دفاعها هو العدو السريع وهذه الطيور تكون عادة ذات رقبة طويلة وسيقان طويلة قوية مثل النعامة وتعيش هذه الطيور في السهول المعشوبة حيث ينفعها علوها وطول رقبتها باكتشاف الخطر من مسافة بعيدة، والواقع أن كثيرًا من أسراب الحيوانات تعتمد على النعامة لكي تنذرها باقتراب الخطر مثل اقتراب أسد أو سبع جائع فالسهول لا عقبات فيها وتستطيع الطيور أن تهرب وقد تبلغ سرعة النعامة 60كم في الساعة. ثم إن هذه الطيور تستطيع أن تقاتل إذا حوصرت ويمكنها أن تدافع عن نفسها برفسات قوية، إن بعض الذين يدرسون طبائع الطيور يعرفون أن طيور البحر تهاجم كل من يحاول الاقتراب من أعشاشها. والطيور الأصغر لا تستطيع القتال بمفردها، إلا أنها كثيرًا ما تتجمع أسرابًا وتتألب على عدوها لكي تبعده عنها، والبوم الذي ينام على الشجر في النهار كثيرًا ما يقلقه وجود أسراب حانقة من الطيور النهارية تحاول طرده من مكانه ، والعديد من الطيور يستعمل التمويه للدفاع فهي تشابه ما حولها إلى درجة يصعب مع عدوها تمييزها ورؤيتها فالترمجان (دجاج الأصقاع الشمالية) يغير لونه كل سنة من بني إلى أبيض لكي يظل لونه متماشيا مع بياض الثلوج ، وبعض أنواع الزقزاق تلجأ أحيانا إلى الدهاء في دفاعها فعندما يقترب عدو من عشها تخرج من العش وتبتعد عنه ببطء وتثاقل ليعتقد العدو بأنها مصابة عاجزة سهلة الاصطياد وبعد أن تبعد العدو إلى مسافة كافية تقفز في الجو وتطير. إن الحذر من أبرز صفات الطيور فهي دائمًا تقدر لأرجلها موضعها قبل الخطو في كل لحظة من اللحظات، وإلا فأنها تتعرض لمخاطر جسيمة قد تؤدي بحياتها، ولذلك ففي عيونها حركة مستمرة تستكشف ما حولها دائمًا، أما أجنحتها وأذيالها فهي تتحرك بطريقة عصبية وكل شيء فيها يدل على القلق الدائم والحذر المستمر، إذ فجأة تطير جميعًا وبلا سبب إلى مكان آخر أو شجيرات قريبة، فهي تستعد دائمًا للهرب من خطر مفاجئ قد يكون قطًا جائعًا أو صقرًا منقضًا، وهي تسلك مسالك مختلفة حين يحل بها خطر، بعضها يغوص في الأشجار أو الأعشاب المتشابكة أو أي مكان آخر تختفي فيه، وبعضها إذا كان سريع الطيران يطير بسرعة على أي مكان ولو كان خاليا مبتعدًا عن مكان الخطر، وبعضها يظل واقفًا مكأنه ساكنًا ساكتًا مؤملاً أن لا يراه العدو. 

ونقار الخشب يحتمي بالجانب المقابل من جذع الشجرة الذي يقف عليه ويلتصق به دون أن يحرك ريشة واحدة، وإذا تعقبه عدوه فأنه يبادر ويتجه إلى الجانب الآخر من الجذع ويظل يحاور عدوه إلى أن يمل منه عدوه فيتركه . فسبحان من علم الطير أن تدافع عن نفسها و عن أفراخها ضد أعداءها . وكثير من الطيور تفضل أن تعيش حيث يقل أعداؤها. إن الله سبحانه وتعالى قد من على عالم الطير ووهبه حياة جميلة ولكي تستمر هذه الحياة لا بد لها من مقومات أساسية لاستبقاء الحياة فكان التكاثر وكذلك الغذاء ويبقى بعد ذلك الحذر من الأعداد وتفادي المخاطر التي تواجه عالم الطير هذا فضلًا عن فخاخ الصيد وشباكه فكان على الطائر أن يتعلم أساليب الدفاع وسلوك مسالك شتى لكي يكون على حذر فكل هذه المؤهلات وغيرها كما سبق بيانه من تغيير الريش فإن الطائر مهما يكن عنده من مقدرة على التهوية فأنه لا يلهم الطائر أن يحتاج أو يختبئ وتستطيع قوة أخرى أن تفعل ذلك للطائر فهذه المؤهلات إيداع من الله سبحانه للطائر. 

المؤلفون أ.د. مصطفى إبراهيم حسن
التصنيف علوم الحياة
الوسوم أساليب الدفاع والهجوم عند الطيور
عدد المشاهدات 354
عدد المشاركات 0
شارك المادة
تحميل المادة

مواد ذات صلة

لا توجد عناصر