يقول تعالى: (وَنَادَىٰ فِرۡعَوۡنُ فِی قَوۡمِهِۦ قَالَ یَـٰقَوۡمِ أَلَیۡسَ لِی مُلۡكُ مِصۡرَ وَهَـٰذِهِ ٱلۡأَنۡهَـٰرُ تَجۡرِی مِن تَحۡتِیۤ، أَفَلَا تُبۡصِرُونَ) (الزخرف: 51).
أشار القرآن الكريم الى أن قوم ثمود كان لديهم نوعان من المساكن والبيوت، فقد بنوا القصور فى السهول ونحتوا البيوت فى الجبال، وذلك فى قوله تعالى: (تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا) (الأعراف:74)، فماهو البعد العلمى وراء ذلك؟.
البروج المشيدة هى الحصون المنيعة ومفردها برج، يقول الله سبحانه وتعالى: ( أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة) (النساء/ من الآية 78)، ووصف البروج بأنها مشيدة دليل على المتانة وأنها منيعة على الاقتحام، وسياق الآية الكريمة يؤكد ذلك حيث أوضحت أن تلك الحصون المنيعة لايمكن أن تمنع الموت من الوصول للأنسان المحتمى بتلك البروج المشيدة.
يقول الله سبحانه وتعالى: ( وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىٰ ۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ" (الأنعام:35)، السلم أى الدرج وهوعنصر معمارى يستخدم للصعود أو النزول للانتقال بين طوابق المبانى المتعددة الأدوار، أو بين المستويات المختلفة الارتفاع، والآية الكريمة تشير هنا الى امكانية وجود سلالم للصعود فى السماء أيضا، فى اشارة الى عنصر اتصال رأسى غير تقليدى يمكن أن يتم ابتكاره فى مستقبل الأيام.
يقول الله تعالى على لسان ذى القرنين: ( قال ما مكنى فيه ربى خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما، ءاتونى زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال ءاتونى أفرغ عليه قطرا، فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا) (الكهف/ 95- 97).
يقول الله سبحانه وتعالى: ( هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر، ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا) (الحشر/2)، أي هو جل وعلا الذي أخرج يهود بنى النضير من مساكنهم بالمدينة المنورة، أي في أول مرة حشروا وأخرجوا فيها من جزيرة العرب إلى الشام، وظنوا أن حصونهم الحصينة تمنعهم من بأس الله، والشاهد في الآية الكريمة ذكر الحصون كأحد أهم عناصر العمارة الدفاعية في مجال العمارة الحربية، والأساس فى الحصن أن يكون منيعا ليوفر الحماية لمن يتحصنون به، حتى ولو لم يستخدموا السلاح فى الدفاع عن أنفسهم.
يقول الله تعالى: (لَايُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْمِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُم شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُم قَوْمٌ لَّايَعْقِلُونَ) (الحشر: 14).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه، أَنّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَاتَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِل الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُ مِن وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُول الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَامُسْلِمُ يَاعَبْدَاللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ،إِلَّاالْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِالْيَهُودِ» (رواه مسلم).
يقول الله سبحانه وتعالى: (قِیلَ لَهَا ٱدۡخُلِی ٱلصَّرۡحَۖ فَلَمَّا رَأَتۡهُ حَسِبَتۡهُ لُجَّة وَكَشَفَتۡ عَن سَاقَیۡهَاۚ قَالَ إِنَّهُۥ صَرۡح مُّمَرَّد مِّن قَوَارِیرَۗ ) (النمل/44). تشير الآية الكريمة الى حدوث نوع من الخداع البصرى لملكة سبأ عندما دعيت لدخول الصرح الذى أقامه سيدنا سليمان، ليريها ملكا أعظم من ملكها، حيث رأت وحسبت أن القوارير (زجاج ذو صنعة خاصة) لجة أى ماء عميق. والخداع البصرى هو ذلك الفعل الذي يجعل الأشياء أو الأشكال أو الألوان ترى أو تدرك بطريقة كاذبة ومغايرة لماهيتها الأصلية وبخلاف حالتها الطبيعية باستخدام أسس وقواعد رياضية، وسمى الفن البصري بهذا الاسم لاعتماده على الخصائص البصريه الخاصه بالعين. ان ابتكار فكرة الأرضيات (وكذلك الحوائط) التفاعلية والتى تعطى تأثيرات مختلفة، منها تأثيرات تتطابق تماما مع شكل الماء العميق (اللجة) وحركته، يعتبر نقلة علمية وتقنية حديثة، حيث توصلت البشرية حاليا الى امكانية ابتكار أرضيات عندما تراها أو تسير عليها تعتقد أنها ماء تماما، وربما فى بعض الأحيان ترى الأسماك تتحرك من تحت تلك الأرضيات. لقد أكدت المستشرقة والمعمارية الفرنسية الدكتورة ”فاليرى جونزالز“Valerie Gonzalez ، فى كتابها المنشور تحت عنوان: "الجمال والاسلام" Beauty and Islam، بعد دراستها للآية رقم (44) من سورة النمل، بأن تلك الآية الكريمة تشير الى المبدأ العلمى المعروف الآن باسم الخداع البصرى. ان علم الخداع البصرى والذى أصبح معروفا فى العصر الحديث، والذى يتمثل فى رؤية المواد على غير حقيقتها، يعتبر شاهدا على السبق العلمي والهندسي الذى أنبأت به احدى الآيات القرآنية الكريمة من سورة النمل، وتحديدا فى قوله تعالى: (فلما رأته حسبته لجة)، والحمد لله على نعمة الاسلام.
من نماذج الممارسات الاعمارية الفاسدة لقوم عاد، أنهم أقاموا مباني العبث والفجور، وقد أخبر بذلك القرآن الكريم على لسان نبيهم سيدنا "هود" مستنكرا عليهم ذلك في الآيات الكريمة التالية: (أتبنون بكل ريع آية تعبثون، وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون، وإذا بطشتم بطشتم جبارين، فاتقوا الله وأطيعون) (الشعراء: 128-131)، فالله سبحانه وتعالى ينعى على "عاد" قوم "هود" أنهم كانوا يبنون بكل ريع، أي مكان مرتفع، آية أي بناءا ظاهرا كالعلم لقصد العبث بمن يمر في الطريق من الناس، وفى ذلك استخدام للأبنية في غير ما شرع الله بناءها، كما يفهم من الآية أيضا أنهم كانوا يبنون في الأماكن المرتفعة ليعرف بذلك غناهم تفاخرا فنهوا عنه ونسبوا إلى العبث.