أصول المحرمات من الجماع أو الوطأ

أصول المحرمات من الجماع أو الوطأ

أحل الله النكاح من الْمُحْصَنَاتُ الْمُؤْمِنَاتِ ، وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنا ، قال تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) وهذا أصل فى نكاح المرأة  بشرط : (إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ) وبين أن هذا من الإيمان (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5) سورة المائدة. وحرم الله تعالى الزنا (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) سورة الإسراء. وحرم اللواط (وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ ۗ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (74) سورة الأنبياء، وقال النبي ﷺ  "إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط " رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.‌ وحرم الله تعالى - السحاق وهو ممارسة المرأة الجنس مع امرأة أخرى من قوله تعالى: (وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً(15) سورة النساء ، واختلف المفسرون فى تفسيرهم لهذه الآية وجمهور المفسرين اعتبروا أن الفاحشة فى هذه الآية هى الزنا.بينما قال مجاهد: هذه الآية نزلت في النساء ، والمراد بالفاحشة هنا: المساحقة ، وأن المقصود بـ (اللاتي) هن السحاقيات اللواتي يمارسن الشذوذ فيما بينهن، وجعل حدّهن الحبس إلى أن يمتن أو يتزوجن.أ.هـ. واختاره أبو مسلم بن بحر الأصبهاني ونقل عنهما أبو حيان الأندلسى فى البحر المحيط. وقال أبو مسلم بن بحر: ونزلت (واللذان يأتيانها منكم) في أهل اللواط . والتي في النور: في (الزانية والزاني) ، ووافقه أبوحيان حيث قال: وحجة أبي مسلم في أن الفاحشة هي السحاق قوله: (وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ) وفي الرجال: (واللذان) ، (ومنكم) وظاهره التخصيص ، وبأن ذلك لا يكون فيه نسخ ، وبأنه لا يلزم فيه التكرار. ولأن تفسير السبيل بالرجم أو الجلد والتغريب عند القائلين بأنها نزلت في الزنا ، يكون عليهن لا  "لهن"، وعلى قولنا: يكون السبيل تيسر الشهوة لهن بطريق النكاح.أ.هـ. ويتضح من ذلك أنه ليس فى تفسير جمهور المفسرين اجماعا على أن الفاحشة هى الزنا لأنه منقوض بما قاله مجاهد ، وأبو مسلم ، وأبو حيان ، ورجّح الجلال السيوطي قول أبي مسلم في الآية الثانية في تفسير الجلالين، فقال: إرادة اللواط أظهر بدليل تثنية الضمير.ا.هـ. ورجّح قول أبو مسلم في الآيتين صاحب تفسير المنار، فقال: الحق أن ما ذهب إليه أبو مسلم هو الراجح في الآيتين.ا.هـ. وأما تفسير السبيل (أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) بالحديث الثابت: « الثيب ترجم والبكر تجلد » هذا الحديث مخصوص به الزناة ، ولا يكون فى السحاق. وقال أبوحيان والذي يقتضيه ظاهر اللفظ هو قول مجاهد وغيره : أن (اللاتي) مختص بالنساء ، وهو عام أحصنت أو لم تحصن. وإن (واللذان) مختص بالذكور ، وهو عام في المحصن وغير المحصن فعقوبة النساء الحبس ، وعقوبة الرجال الأذى. ويكون هاتان الآيتان وآية النور قد استوفت أصناف الزناة ، ويؤيد هذا الظاهر قوله: (من نسائكم) وقوله: (منكم) ، ولا يقال: إن السحاق واللواط لم يكونا معروفين في العرب ولا في الجاهلية ، لأن ذلك كان موجوداً فيهم ، لكنه كان قليلاً أ.هـ. وقوله تعالى (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ) قال قوم: ليس بحدٍ بل هو إمساك لهن بعد أن يحدهنّ الإمام صيانة لهن أن يقعن في مثل ما جرى لهن بسبب الخروج من البيوت ، وعلى هذا لا يكون الإمساك حداً ، وتكون الفاحشة فى هذه الآية ليست هى الزنا ،لأن الزنا معروف حده فى المحصن وغير المحصن والله أعلم. وترجع سبب الحرمة فى السحاق أيضا لحديث روي عن النبي ﷺ نصه :” السحاق زنى النساء بينهن”،‏ رواه الطبراني في معجمه قال الهيثمي رجاله ثقات، وحسنه السيوطي. فمن هذه الأدلة أجمع الفقهاء على حرمة السحاق. كما ورد فى حرمة إتيان البهيمة ‌عن ابن عباس قال: قال النبي ﷺ: " .. ملعون من وقع على بهيمة ، .." . ‌ رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع. ودليل حرمة اتيان المرأة وهى حائض قوله تعالى فى سورة البقرة: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) ، ودليل حرمة اتيان المرأة فى دبرها قوله تعالى: (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ﴾ ، (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ) والتى فسرها الحبيب المصطفى ﷺ لعمر بن الخطاب ، أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة (أخرجه الترمذي ، وأحمد ، والنسائي) ، وبينها ﷺ لأناس من الأنصار ، أتوه فسألوه عن قوله تعالى: (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ) ، فقال النبي ﷺ: " آتها على كل حال ، إذا كان في الفرج (ابن جرير الطبري ، الطبراني)" .  

التوجيه العلمى: ثبت علميا بما لا يضع مجالا للشك فى مراكز الأمراض والسيطرة عليها فى أوروبا وأمريكا وفى منظمة الصحة العالمية وعلى مستوى المراكز البحثية فى علوم الطب خطورة انتقال الأمراض الجنسية الفتاكة بين الزناة (بين الرجل والمرأة) وممارسة الجنس بين الرجل والرجل(المثليين) وبين المرأة والمرأة (المثليات) ، وبين الإنسان والحيوان (اتيان البهيمة) والعياذ بالله من كل ذلك ، والتى منها الهربس والثأليل والإيدز والكلاميديا والسيلان والزهرى ،والإى كولى ، والستربتوكوكى ،والبكتريا الآكلة للحوم فى الكلاب وغيرها من الأمراض الجنسية المميتة.

وجه الإعجاز: بين النبى  ﷺ أن هذه الأفعال مشينة ومحرمة ومضرة بمن يفعلها منذ 1444 سنة وأكد العلم الحديث ضررها بما يؤكد قطعيتها فى التحريم ، وهذا يدل على أن هذه الأدلة وحى من العليم الخبير ، وأن أصول العلوم فى القرآن والسنة.

المؤلفون أ.د. حنفي محمود مدبولي
التصنيف التشريعي و البياني
الوسوم أصول المحرمات من الجماع أو الوطأ
عدد المشاهدات 362
عدد المشاركات 0
شارك المادة
تحميل المادة

مواد ذات صلة

لا توجد عناصر