إعجاز الترتيب التنازلي للمعنى في آيات التحدي

إعجاز الترتيب التنازلي للمعنى في آيات التحدي

(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)

[البقرة: ٢٣].

(أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)

[يونس: ٣٨]

(أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)

[هود: ١٣]

(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا)

[الإسراء: ٨٨]

(يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ ۚ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ)

[الطور: ٣٣ – ٣٤]

الذي يتابع رحلة المعنى في السور الخمس يبصر الترتيب التنازلي في التحدي، وكلما كان القدر المتحدى به أقل كلما كان أظهر لعجز المتحدى، فالمتحدى به في سورة البقرة (فائتوا بسورة من مثله) التحدي: أن يأتوا بسورة تشبه سورة شبيهة، فإذا ثبت العجز عن  شبيه الشبيه كان عجزهم عن الإتيان بالشبيه أولى، ومطلع الآية (وإن كنتم في ريب) أي أدنى ريب يذهبه الحد الأدنى من التحدي، وهو ناظر إلى مطلع السورة الكريمة (ذلك الكتاب لاريب) والريب ـ كما قال الكفوي ـ شك ، والافتراء اختلاق، وهو أعظم الكذب، والمتحدى به في سورة يونس هو (فائتوا بسورة مثله) أن يأتوا بسورة شبيهة بسورة من القرآن، والآية مطلعها (افتراه) فاتسع قدر المتحدى به، فما في يونس يلي مافي البقرة في الترتيب التنازلي بالنسبة للمتحدَّى، والترتيب التصاعدي بالنسبة للمتحدى به، ثم اتسع قدر المتحدى به في سورة هود، من سورة إلى عشر مفتريات، وهو يمضي في الاتجاه نفسه في الترتيب التنازلي من جهة المتحدَّى، والتصاعدى بالنسبة للقدر المتحدى به.

ثم جاءت آية الإسراء لتمضي في الترتيب ذاته، في توسيع قدر المتحدى به حتى يشمل القرآن كله، (على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله) أوردت الآية التحدي أوسع نطاقا مع ارتفاع نبرة التحدي المنتهي بفشل المتحدَّى حتى لو اجتمع الإنس والجن وظاهر بعضهم بعضا، وهو غير التحدي في البقرة المكتفي بقوله (ولن تفعلوا) وفي سورة الطور، افتتح التحدي بحكاية رميهم رسول الله بتقول القرآن ، لما لم يلق رميهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأنه شاعر أو مجنون ، فكان التحدي (فليأتوا بحديث مثله) فكما قال أهل العلم: تحداهم بالإتيان بالمثل في التنجيم والتطبيق على الوقائع سورا أو آيات أو دون ذلك، تحدث وتتجدد شيئا في أثر شيئ ، فجاء ترتيب المعنى على أحسن وجه وأحكمه، فالتحدى جاء على هذا النحو : سورة من شبيه الشبيه، أو سورة شبيهة، أو عشر سور شبيهة، أو قرآنا كالقرآن مجموعا ، أو قرآنا كالقرآن مفرقا.

المؤلفون أ.د إبراهيم الهدهد
التصنيف التشريعي و البياني
الوسوم إعجاز الترتيب التنازلي آيات التحدي
عدد المشاهدات 553
عدد المشاركات 0
شارك المادة
تحميل المادة

مواد ذات صلة

لا توجد عناصر