لم يصف القرآن الكريم عقداً من العقود بما وصف به عقد الزواج، فقد وصفه بأنه الميثاق الغليظ،
قال تعالى:
{وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}
(النساء :21)،
ووصف عقد النكاح بالميثاق الغليظ هو عين الوصف الذي وصف الله به الميثاق الذي أخذه من النبيين
قال تعالى:
{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا. لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا}
(الأحزاب: 7- 8).
واهتمم النبي بالمقاصد والمصالح الشرعية عند ارتباط ا لرجل بالمرأة قبل الخطوبة وأثناء وجودها؛ وذلك لتحقيق الألفة والمحبة والوئام والاتفاق بينهما، عن بكر بن عبد الله المزني عن المغيرة بن شعبة : أنه خطب امرأة فقال النبي :" انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما"( أخرجه الترمذي، وقال حديث حسن). وحذر من عدم التعدي على النظام الذي وضعه الشرع للحياة الزوجية؛ لأن هذا النظام يحفظ الأسر والمجتمع من عوامل التفكك والانهيار، قال :"لا يخطب الرجل على خطبة أخيه ولا يسوم على سوم أخيه ولا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفئ صحفتها ولتنكح فإنما لها ما كتب الله لها "( متفق عليه).ووجه الزوجين إلى معرفة الحقوق والواجبات الأسرية، فالأب والأم يشتركان في الحفاظ على الأسرة عن طريق معرفة الحقوق الشرعية والقيام بالواجبات ، قال:"...إنَّ لكم مِن نسائكم حقاًّ ولنسائكم عليكم حقاًّ، فأما حقُّكم على نسائكم فلا يوطئن فُرُشَكم مَن تكرَهون ولا يأذَنَّ في بُيوتِكم لمن تكرهون، ألا وحقُّهن عليكم أنْ تحسِنوا إليهن في كِسْوَتِهن وطعامِهن"( أخرجه مسلم).كما نبه الأبوين إلى توجيه الأبناء إلى معرفة الحقوق والواجبات داخل الأسرة، وترتيب هذه الحقوق ،وهناك أحاديث كثيرة تدل على ذلك منها: أن رجلا سأل الرسول عن أحق الناس بالصحبة فقال له:" أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك ثم أدناك أدناك "( متفق عليه). وتنبيه الأبناء إلى بر الوالدين والبعد عن العقوق التي تستجلب العقاب الشديد، فقد صح عنه ﷺ ما يدل على هذا، ففي الصحيحين عن أبي بكرة الثقفي - رضي الله عنه- عن النبي ﷺ أنه قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر -كررها ثلاثاً- قالوا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور"(متفق عليه).
المؤلفون | د.خالد راتب |
التصنيف | التشريعي و البياني |
الوسوم | الإعجاز التشريعي في نظام الأسرة |
عدد المشاهدات | 416 |
عدد المشاركات | 2 |
شارك المادة | |
تحميل المادة | تحميل المادة |
فاق الإسلام جميع التشريعات في اهتمامه وعنايته بالأسرة، ولا أدلّ على ذلك من الآيات التي خصّها بها؛ إذ حرص الشّارع الحكيم على تنظيم العلاقة بين أفراد الأسرة، سواءً على المستوى التشريعي أم السلوكي والأخلاقي، وفصّل في شأنها القرآن تفصيلا دقيقًا؛ ذلك أن حفظ الأسرة حفظ للدين والإنسان وتوجيه لمسار العمران ، فأول أسرة تأسست في الجنة، حيث خلق الله –تعالى- آدم وحواء من نفس واحدة وجعل أول مسكن أسري وبيت زوجي لهما (الجّنة).
كرر القرآن الكريم ذكر البيت في معناه الأهم وهو مأوى الأسرة، فورد استخدامه في معانيه المتنوعة خمسا وستين مرة، منها ثلاث وأربعون مرة بمعنى منازل الناس التي يلوذون إليها في معاشهم ومنامهم وعشرتهم في الدنيا، على مختلف صور تلك المنازل، حصونا كانت أو خياما أو بيوت من حجر، وسواء أكانت للأنبياء أم لغيرهم من الناس، فالبيت من أساسيات الأسرة، وهو مأوى أفرادها، وتكرار ذكره يشير إلى أهميته، والاهتمام بساكنيه.