النص المعجز:
(هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأرحام كَيْفَ يَشَاءُ )
(6) آل عمران.
المعانى اللغوية: قال الإمام الشوكانى أصل اشتقاق الصورة من صاره إلى كذا إذا أماله, فالصورة مائلة إلى شبه وهيئة.
تفسير الآية: قال الإمام القرطبى: أخبر تعالى عن تصويره للبشر في أرحام الأمهات ؛ فالصورة مائلة إلى شَبَه وهيئة، وفي ضمنها الرد على نصارى نجران، وأن عيسى من المصَوَّرين لأنه مخلوق فى الرحم وأنه ليس بإله.
التوجيه العلمى: خلق الله آدم عليه السلام خلقا كاملا بصورته ، وخلق خلاياه تحمل 46 كروموسوما إلا الخلايا الجنسية فهى تحتوى على( 22 كروموسوم + كروموسوم يحدد جنس الجنين الذكر Y) ونسبتها 50% ، وخلايا أخرى تحتوى على (22 كروموسوم + الكروموسوم الذى يحدد نوع الجنين أنثى( X ونسبتها 50% . ولما خلق الله حواء من ضلع آدم انتقلت الصفات الوراثية من آدم إلى حواء على 22 زوج من الكروموسومات ، وانتقلت معها الخلايا الجنسية التى تعطى البويضات لتكوين الأنثى واصبحت نسبتها فى حواء 100% وهذه الخلايا الجنسية هى التى تعطى النطاف للذرية الأنثوية فيما بعد. والنطاف عليها الحمض النووى الذى يحمل الصفات الوراثية سواء لآدم أو لحواء ، وعندما تزوج آدم بحواء تكونت النطفة الأمشاج التى يتم منها التصوير ، وهى تحمل 46 كروموسوما (22 + (Y + (22 + X ) لتعطى ذكورا خلاياها تحتوى على (44 + (YX ، أو (22 + X ) + (22 + X ) لتعطى إناثا (44 + XX). وكانت الذرية ذكورا واناثا بنسبة 50% فى كل حمل لحواء ، بحيث تحمل الذكور (YX) والإناث (XX) وبهذا جعله الله منه الخلافة فى الأرض حيث أخذت صورة طبق الأصل منه لذريته. ولو مات آدم عليه السلام دون خلق حواء منه ودون أخذ صورة منه لانقطعت الخلافة من الأرض، ولكن الله أرادها بهذه الكيفية جيلا يخلف جيل ، ويدل على صحة هذا الفهم قول الله (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ ۖ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ (9) سورة السجدة فكان آدم عليه السلام من الطين ، وجعل منه نسله فى ماء مهين وهو النطاف ، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة دليلا على التصوير من النطفة الأمشاج. والصورة لها لوازم للتصوبر وهى: مصور : قال تعالى عن نفسه أنه المصور ، وآلة تصوير: هو انزيم جعله الله فى الحمض النووى للذرية ويسمى بالبوليميراز ر.ن.ا وهو الذى يقوم بالتصوير لحامل الشفرة mRNA من الضفيرة الغير مشفرة حتى إذا حدث خلل أو عيب فتبقى الضفيرة المشفرة والتى انتقلت من آدم عليه السلام كما هى دون خلل حتى تستمر الخلافة ، والشئ المراد أخذ صورة له (الأصل) : هو آدم عليه السلام. ومادة يتم التصوير عليها (الفيلم): هو حامل الشفرة الوراثية (mRNA). وتكون الصورة للنسل طبق الأصل من صورة آدم عليه السلام للذكور ومن صورة حواء عليها السلام للإناث. وقوله تعالى: (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ(6) سورة آل عمران أى يصوركم من النطفة الأمشاج التى تجمعت من الذكر والأنثى. وكان التصوير الجنينى الأول لأبناء آدم فى رحم حواء ، والتصوير الجنينى للذرية جيلا من بعد جيل فى أرحام الأمهات. وأن الجنين في الرحم هو صورة (تمثال) منفذة من الحمض النووي في النطفة الأمشاج والذى يحمل الشفرات الوراثية التى تعطى الصورة. وكروموسومات النطفة الأمشاج (23 زوج ) ، وكل زوج من الكروموسومات عبارة عن ضفيرتين من الحمض النووى تلتف إحداهما حول الأخرى بشكل حلزونى ، واحدة مشفرةstrand) coding) والثانية التى تلتف عليها هى الغير مشفرة (noncoding strand) . وعند التصوير من النطفة الأمشاج يكون من الضفيرة الغير مشفرة (non coding strand) لتطعى حامل شفرة طبق الأصل للضفيرة المشفرة strand) coding) وبهذا لا تندثر صفات الجنس البشرى مما يحافظ على الخلافة فى الأرض. والضفيرة الأولى هى الأصل ويرمز لها (5___3) والضفيرة الثانية عكسها ، ويرمز لها من (3___5) وإذا حدث خلل فى التصوير من الضفيرة الغير مشفرة فيكون نادرا وبنسبة 1 : 100 مليون فى نسخ الذرية مما يؤدى إلى طفرة بسيطة فى الذرية ، وهذه الطفرها حسبها العلماء أنها تحدث بمعدل مرة واحدة كل 50 ألف سنة هذا لو حدثت ولذلك جعل الله عز وجل بحكمته وعلمه التصوير من الضفيرة الثانية حتى لا يحدث أى خلل فى الأصل وجعل فى النواة التى بها الكروموسومات انزيمات تصحح أى خلل فى تكوين البروتينات التى تعطى الصفات الوراثية وهذه الإنزيمات تسمى انزيمات التصحيح (Proof reading Enzymes). ومن العجب العجاب فى مسألة التصوير هذه أن الجينات التى على الكروموسوم Y تنتقل كما هى بحيث يصبح الإبن شبها لأبيه وكذلك الحال بالنسبة للأنثى فتكون البنت شبية بإمها مع اختلافات بسيطة فيالها من عظمة فى الخلق والتصوير قال تعالى (هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ۚ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (11) سورة لقمان.
أوجه الإعجاز العلمى:
لم يفطن علماء الأجنة أو البيولوجيا الجزيئية إلى هذه المعلومات الدقيقة عن الخلق والتصوير فى الأرحام إلا منذ 30 -50 سنة ، وقد بينها الله عز وجل بالتفصيل منذ 1444 عاما فى القرآن الكريم من قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ، واحِدَةٍ، وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا ونِسَاءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) سورة النساء. كما بينتها السنة النبوية كما فى قوله ﷺ:(إن النطفة إذا استقرت فى الرحم أحضرها الله كل نسب بينها وبين آدم) رواه الطبرى ، وابن أبى حاتم ، والطبرانى ، وذكره القرطبى ، وفى الحديث قوله ﷺ (النَّاسُ بنو آدمَ ، وآدمُ خُلِق من ترابٍ) رواه الإمام المنذرى بسنده عن أبى هريرة ، وأخرجه الترمذى. وكلمة التصوير تدل على دقة اللفظ بإمالة الصورة إلى شكل وهيئة. ولا يتم التصوير من نطفة الذكر فقط ولا من نطفة الأنثى فقط ، وإنما من النطفة الأمشاج بعد تعلقها بجدار الرحم وتحولها إلى مضغة . واختتم الله عز وجل الآية بالمشيئة والكيفية التى لا تكون إلا له عز وجل . وأن التمايز والمفاصلة بين البشر تعتمد على الجينات التى على الحمض النووى وكل هذا بمشيئته ﴿ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(17) سورة المائدة. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المؤلفون | أ.د. حنفي محمود مدبولي |
التصنيف | علوم الحياة |
الوسوم | التصوير فى الأرحام |
عدد المشاهدات | 451 |
عدد المشاركات | 0 |
شارك المادة | |
تحميل المادة | تحميل المادة |