لم يكن الماء سببا في حياة الإنسان فحسب بل استدل به في أكثر من موضع في كتاب الله على قضايا الإيمان وخصوصا قضية البعث، هذه القضية التي أنكرها قديما الدهريون، وحديثا الملاحدة وغيرهم من المتشككين، فجاء الماء واعظا ودليلا عمليا على إحياء الناس بعد موتهم كما كان سببا في إحياء الأرض بعد موتها،
يقول- تعالى :
" وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"
( الحج : 5 ، 6).
وقال تعالى:
" وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً"
(نوح: 18).
وقال : "ما بين النفختين أربعون قال أربعون يوما قال أبيت . قال أربعون شهرا قال أبيت . قال أربعون سنة قال أبيت قال :ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب ، ومنه يركب الخلق يوم القيامة"()
ويقول ابن القيّم :"جعل الله سبحانه إحياء الأرض بعد موتها نظير إحياء الأموات ، وإخراج النّبات منها نظير إخراجهم من القبور ، ودلّ بالنّظير على نظيره ، وجعل ذلك آية ودليلاً على خمسة مطالب :
أحدها : وجود الصّانع ، وأنّه الحقّ المبين ، وذلك يستلزم إثبات صفات كماله وقدرته وإرادته وحياته وعلمه وحكمته ورحمته وأفعاله .
الثّاني : أنّه يحيي الموتى .
الثّالث : عموم قدرته على كلّ شيء .
الرّابع : إتيان السّاعة وأنها لا ريب فيها .
الخامس : أنّه يخرج الموتى من القبور كما أخرج النّبات من الأرض".()
وهكذا نرى أن القرآن الكريم يذكر إحياء الموتى بعد ذكر إحيائه الأرض ليستدل من له قلب شهيد على الآجل بالعاجل وعلى الغيب بالشهادة ،وأن الذي يحيي النبات من الأرض الهامدة، قادر على أن يحيي الأجسام بعد أن تصير رميمًا، كما أن الاستدلال بإحياء الأرض بالماء على البعث فيه حكمة أخرى تتمثل بتقريب قضية البعث لذهن الإنسان، وكيفية حصوله.
المؤلفون | د.خالد راتب |
التصنيف | علوم الحياة |
الوسوم | الماء وإثبات البعث |
عدد المشاهدات | 427 |
عدد المشاركات | 0 |
شارك المادة | |
تحميل المادة | تحميل المادة |