من لطائف الإعجاز البلاغي أنه عبر بلفظ المطلقات، مع أنهن لم يطلقن بعد، ولكنه أراد أن يبين أن من أغلقت كل الحلول فصارت في حكم المطلقة، وهو تعبير مجازي يعبر عن الشئ بما سيصير إليه، ومن لطائف الإعجاز أيضا استخدام كلمة )يتربصن) والتربص لايكون إلا لعدو، وهو أنسب الألفاظ لايقوم سواه مقامه، فلو قيل: ينتظرن لما كان مناسبا، ذلك أن من كانت في انتظار نهاية العدّة تكون كارهة للحياة التي كانت بينها وبين زوجها، وتريد أن تنتهي العدة بسرعة لأنها تمر بفترة ضيق نفسي، بين إحساس بالفشل، أو إحساس بالظلم، أو إحساس بالنظرة القبيحة من المجتمع المحيط بها ، فهي في حرب نفسية ، قد تدفعها إلى إنكار ما في بطنها من الحمل والتخلص منه، أو ادعاء انقطاع الدم وما إلى ذلك كما يبينه قوله تعالى من بعد (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن أن كن يؤمن بالله واليوم الآخر) ويؤيد ذلك تعليق التربص بالنفس (بأنفسهن) فهو جهاد النفس الذي عده بعض العلماء الجهاد الأكبر، فاصطفى النظم الكريم من المفردات مايلائم حال النفس في هذه الظروف، فصفاء الكلمة في الذكر الحكيم وملاءمتها للأحوال جاءت على وجه الإعجاز.
المؤلفون | أ.د إبراهيم الهدهد |
التصنيف | العلوم الإنسانية والاجتماعية |
الوسوم | والمحصنات من النساء |
عدد المشاهدات | 328 |
عدد المشاركات | 0 |
شارك المادة | |
تحميل المادة | تحميل المادة |