من الأمور المشاهدة أن سطح الأرض ليس تام الاستواء، فهناك القمم السامقة للسلاسل الجبلية وهناك السفوح الهابطة لتلك السلاسل، حتى تصل إلى السهول المنبسطة والممتدة إلى ما فوق مستوى سطح البحر بقليل، وهذا التباين في المناسيب وفر عددا هائلا من البيئات التي يتناسب كل منها مع أنواع محددة من صور الحياة، وتحديد بيئة الروابي للجنة المضروب بها المثل في الآية الكريمة التي نحن بصددها تحديد معجز، لأن هذه البيئة هي أفضل البيئات المعروفة لنمو أشجار الفاكهة ولنمو كل من أشجار الثمار الأخرى كالزيتون واللوزيات والصنوبريات وغيرها، وذلك لأن بيئة الروابي تتميز بلطف مناخها ووفرة مائها وزيادة فرص تعرضها لأشعة الشمس، ولأمطار السماء ولرطوبة الجو ولحركة الرياح، وتجدد الهواء حولها.يقول الله سبحانه وتعالى:
" ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فان لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير"
(البقرة: 265)
والأشجار النامية بالروابي، والتي ترتفع عن مستوى سطح البحر ارتفاعا متوسطا يتراوح بين الثلاثمائة والستمائة متر، تتجنب عدة عوامل معوقة للنمو والإثمار الجيد وأسباب المرض، ومن هذه العوامل التقاء الجذور بالمياه الجوفية الذي يحد من نموها، فبعد الأماكن المرتفعة عن المياه الجوفية يزيد من تهوية التربة ويمنع تعفن الجذور، كما أن الأشجار فوق الربوة العالية معرضة للشمس والتهوية والإضاءة الكافية والتلقيح الهوائي مما يحسن إنتاجها، ولو هبت رياح بها أتربة ورمال كما يحدث في المناطق الصحراوية فان هذه الأشجار تكون بمعزل عن تراكم هذه الأتربة وتجميعها بسبب ارتفاعها، كما أن هذه الربوة تروى عادة بالمطر دون عناء ولا تعب، كما أن المياه الزائدة لن تفسد الزرع لأنه بربوة عالية والصرف ممتاز حول الربوة، وفى حالة عدم نزول الأمطار فان هذه الحدائق تروى بطريقة الرش والرذاذ الخفيف للندى، وفى جميع الأحوال فهذه الحدائق تكون أفضل من أي بساتين أخرى لموقعها المرتفع الممتاز، ولاسيما وأنه يمكن رؤيتها بسهولة من أي مكان.
ومن هنا يأتي هذا الوصف القرآني المعجز شاهدا للقرآن الكريم بأنه كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله عليه الصلاة والسلام.
نموذج لأحد الروابى المتواجدة بالعاصمة الأوغندية كمبالا
المؤلفون | أ.د. يحيى حسن وزيري |
التصنيف | العلوم الهندسية |
الوسوم | جنة بربوة |
عدد المشاهدات | 410 |
عدد المشاركات | 0 |
شارك المادة | |
تحميل المادة | تحميل المادة |