الزكاة معجزة تشريعية من حيث درجة الإلزام والأهمية

الزكاة معجزة تشريعية من حيث درجة الإلزام والأهمية

الزكاة ركن من أركان الإسلام، وهذا جعلها في وعاء واحد مع الصلاة, والصوم, والحج، مما يدل على  أن الزكـــــاة معجـــــزة من حيث درجـــــة الإلزام والأهميــــــــة، فهي حق مفروض متى توافرت شروطها، والأدلة القرآنية والنبوية كثيرة جدا في وجوب الزكاة، يضاف إليهما إجماع الأمة على ذلك، ويتعضد هذا الالتزام بربط القرآن الكريم بين الصلاة ,والزكاة في آياته، وأن الدولة ملتزمة بمحاربة مانعي الزكاة –كما حدث من سيدنا أبي بكر خليفة المسلمين الأول:

"والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله ﷺ لقاتلتهم على منعه ، فقال عمر : فوالله ما هو إلا أن رأيت أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق".

متفق عليه من حديث هريرة -رضي الله عنه

كما أن الإسلام جعل التكافل الاجتماعي ركنا من أركان الدين ، وعبادة مالية: وهي تعني أن النية شرط من شروط الزكاة، وهذه النية تقيم صلة بين مؤدي الزكاة والله -عز وجل-، فالمزكي يؤدي الزكاة بنية أن يعبد الله؛ تعظيماً له, وامتثالاً لأوامره, والشكر على نعمه التي أنعم بها عليه، وأن يطهر ويزكي المال الذي أنعم الله به عليه. والنية في الزكاة تجعل مؤدي الزكاة مع الله، والمعية الإلهية هي أرقى ما يتمنى الإنسان الحصول عليه، وهي الحافظة للإنسان, ولماله, ولمجتمعه. كذلك فإن النية تجعل مؤدي الزكاة يستحضر أشكال المحتاجين, وصورهم في بؤسهم, وهمومهم, وضعفهم، وتجعل مؤدي الزكاة, والمستفيد منها ينصهران ويمتزجان معاً من حيث المسئولية, والحياة المشتركة، مما يعني ويؤكد أن التكافل الاجتماعي من العبادات التي أمر الله بها. وأنه لا يوجد مجتمع آخر في العالم قديمه وحديثه قبل الإسلام أو بعده عرف نظاماً جعل التكافل المادي بين أبنائه على هذه الدرجة من الإلزام التي جعلها الإسلام.

المؤلفون د.خالد راتب
التصنيف التشريعي و البياني
الوسوم الاعجاز التشريعي
عدد المشاهدات 686
عدد المشاركات 0
شارك المادة
تحميل المادة

مواد ذات صلة

نملة اعْلَمُ من الجِن

نملة اعْلَمُ من الجِن

قال تعالى : فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ. (سورة سبأ 14) تفسير الطبرى : يقول تعالى ذكره: فلما أمضينا قضاءنا على سليمان بالموت فمات (مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ) يقول: لم يدل الجن على موت سليمان (إِلا دَابَّةُ الأرْضِ) وهي الأرضة وقعت في عصاه التي كان متكئًا عليها فأكلتها، فذلك قول الله عز وجل (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ)  وهذه الآية القرآنية تتضمن ذكر ما حدث لنبي الله سليمان بن داود عليهما السلام عند وفاته، وذلك أنه لما مات كان متكئا على عصاه، فبقي متكئا عليها مدة من الزمن كما هو؛ لأن أجساد الأنبياء لا تبلى، وكان الجن لا يعلمون أنه قد مات، حتى وقعت الأرضة في عصاه التي كان متكئا عليها  وكان لذلك سبب وهو ما قد أشيع: أن الجن تعلم الغيب، وهو غير صحيح حيث أكد الله بطلان هذا بقصة موت النبي سليمان عليه السلام، وذلك أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب لعلموا بموت سليمان في حينه، لكنهم لم يعلموا بذلك إلا بسبب الأرضة التي أكلت عصاه، فكان هذا دليلا قاطعا على أن الجن لا يعلمون الغيب، وقد ذكر الله ذلك في آخر هذه الآية بقوله تعالى: ﴿فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين .                                          

فريضة الزكاة واستيعاب تطورات العصر

فريضة الزكاة واستيعاب تطورات العصر

إن الناظر في طبيعة التشريع في فريضة الزكاة -بالنسبة لمصارف الزكاة- يجدها قد حددت تحديداً قطعياً في القرآن الكريم في قول الله -عز وجل- : ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾(التوبة: 60).

الاعجاز فى آية تاسيس البنيان

الاعجاز فى آية تاسيس البنيان

يقول الله سبحانه وتعالى:" أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لايهدى القوم الظالمين" (التوبة: 109). تناولت الآية عدة عوامل ذات تأثير فعال ومباشر في تأسيس أساسات المنشأ، فالتعبير القرآني (أسس بنيانه) يعطى دلالة هندسية، فعند ذكر التأسيس والأساس لابد أن يكون هناك أحمال ناشئة من البنيان تستلزم إنشاء أساسات لها، واختيار نوع مادة الأساس طبقا لذلك، ولفظة (على) في قوله (على شفا جرف هار) لها معني هندسي، يفيد أن نوع الأساس المختار هو الأساسات السطحية وليس أساسات عميقة، لأنه لو كانت أساسات عميقة لكان التعبير المناسب هو (في شفا) وليس (على شفا).