يقول الله سبحانه وتعالى:
﴿فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾
سورة الأنعام، الآية 96.
ذكر الامام ابن كثير فى تفسيره مايلى: " وقوله : ( فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا ( أي : خالق الضياء والظلام ، كما قال في أول السورة: ) وجعل الظلمات والنور ( فهو سبحانه يفلق ظلام الليل عن غرة الصباح فيضيء الوجود ، ويستنير الأفق ، ويضمحل الظلام ، ويذهب الليل بدآدئه وظلام رواقه ، ويجيء النهار بضيائه وإشراقه"
لقد اكتشف العلماء أن العديد من الكائنات الحية ومن ضمنها البشر تمتلك ساعةً بيولوجية تساعدها على التنبؤ والتكيُّف مع الإيقاع والنَسَقِ المُنتظم لليوم.
ان معظم الكائنات الحية تتكيف مع التغيُّرات في البيئة المحيطة بها، ففي القرن الثامن عشر، قام عالم الفلك "جان جاك أورتوس دي ميران" (Jean Jacques d’Ortous de Mairan) بدراسة نباتات الميموزا، واكتشف أن أوراقها تتفتح باتجاه الشمس خلال النهار وتغلق عند الغسق، وتسائل جان عما سيحدث إذا وُضِعَت النبتة في ظلامٍ دائم، واكتشف أنه بغضِّ النظر عن
ضوء الشمس، استمرت أوراق النبتة في متابعة إيقاعها اليومي بالفتح والغلق، وهذا يدل على أن النباتات تمتلك الساعة البيولوجية الخاصة بها.
وفى دراسات العصر الحديث باستخدام ذباب الفاكهة (fruit flies) كنموذج، قام بعض العلماء بعزلِ الجين الذي يتحكَّم في الإيقاع البيولوجي الطبيعي لهذا النوع من الذباب، وأظهر العلماء في نتائجهم أن هذا الجين هو المسؤول عن ترميز وإنتاج البروتين الذي يتراكم في الخلايا أثناء فترات الليل ويتحلَّل خلال النهار، ومن ثم قاموا بتحديدِ مكوناتٍ بروتينية إضافية تُشارك في هذه الآلية، وهو ما كشف لنا عن الآلية التي تحكُم عمل المؤقتات الذاتية بداخل الخلية.
لقد تم اكتشاف أن الساعة البيولوجية تُسهم في تكيُّف أجسادنا مع مراحل اليوم المختلفة، وأن ساعتنا البيولوجية تساعد في تنظيم أنماط النوم، والسلوك الغذائي الخاص، ووقت إفراز للهرمونات، وضغط الدم، وحرارة الجسم.
لم يكن أحد من البشر يستطيع أن يعرف أهمية تواجد دورات متعاقبة من الليل والنهار (الظلام والضياء)، وتأثير ذلك على وظائف الانسان الحيوية وافرازاته الهرمونية، بل ووجود ما يعرف اليوم بالساعة البيولوجية داخل الانسان، والتى تعمل على تكيف الانسان والكائنات الحية مع هذه الدورات اليومية، وهو ماأشارت اليه الآية الكريمة وذكرها النهار والاصباح وآيته الشمس ووصف الليل بأنه سكن وآيته القمر ، وهى دورات زمنية محددة ومتعاقبة ومقدرة ذلك تقدير العزيز العليم.
المؤلفون | أ.د. يحيى حسن وزيري |
التصنيف | علوم الحياة |
الوسوم | فالق الاصباح وجعل الليل سكنا الساعة البيولوجية |
عدد المشاهدات | 486 |
عدد المشاركات | 0 |
شارك المادة | |
تحميل المادة | تحميل المادة |