الآية موضع الإعجاز:
(.. فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)
سورة البقرة
المعانى اللغوية وأقوال المفسرين:
قوله تعالى: (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ) فسرها الحبيب المصطفى ﷺ لعمر بن الخطاب ، أقبل وأدبر , واتق الدبر والحيضة (الهيثمي : مجمع الزوائد ، أخرجه الترمذي ، وأحمد ، والنسائي في (السنن الكبرى) ، وبينها للمرأة الأنصارية التى أتت أم المؤمنين حفصة فقالت : إن زوجي يأتيني محيية ومستقبلة فكرهته ، فبلغ ذلك النبي ﷺ ، فقال : " لا بأس إذا كان في صمام واحد ( مسند أبي حنيفة) " ، وبينه للأنصارية التى سألت أم سلمة فقال لها ﷺ صماما واحدا (أخرجه الترمذي ، والإمام أحمد ، والدارمي، والبيهقى ، والطبرانى) ، وبينها ﷺ لأناس من الأنصار ، أتوه فسألوه عن (فأتوا حرثكم أنى شئتم) ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " آتها على كل حال ، إذا كان في الفرج (ابن جرير الطبري ، الطبراني)" . وفسرها أبو داود فى حديثه عن اتيان نساء الأنصار: فقال مقبلات ، ومدبرات ، ومستلقيات يعني بذلك موضع الولد . وقوله تعالى : ( وقدموا لأنفسكم ) أي : من فعل الطاعات ، مع امتثال ما نهاكم عنه من ترك المحرمات ; ولهذا قال : ( واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه ) أي : فيحاسبكم على أعمالكم جميعا . وقوله تعالى: (وبشر المؤمنين ) أي : المطيعين لله فيما أمرهم ، التاركين ما عنه زجرهم .وقال ابن جرير : عن ابن عباس : ( وقدموا لأنفسكم ) قال : يقول : " باسم الله " ، التسمية عند الجماع .وقد ثبت في صحيح البخاري ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال : باسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبدا " .
التوجيه العلمى:
الأمر باتيان النساء على كل حال إلا الدبر هو بيان علمى لموضع الحرث ، إذ لا يكون الولد من الدبر لأنه ليس بموضع حرث ولا نمو للجنين لأن بويضة المرأة تخرج من المبيض إلى قناة فالوب ، فإذا خصبت انغرست فى جدار الرحم. ولذلك إذا حدث الحمل فى قناة فالوب أو انتقل منها للبطن يموت الجنين وتتعرض الأم الحامل للخطر. الأمر الثانى أن الدبر فيه كم هائل من البكتريا فى البراز فى هذا المكان حيث ثبت أن 100جم من البراز تحتوى على 20جم من البكتريا الممرضة مثل السالمونيلا والإى كولى والكليبسيلا ، اضافى إلى الفيروسات مثل فيروس الالتهاب الكبدى الوبائى من النوع (أ) وفيروس نورولك، وفيروس الأسترو، وفيروس الكاليسى، وغيرها من الفيروسات ، بالإضافة إلى بيوض الطفيليات مثل الإسكارس والانكلستوما والبلهاريسيا المعوية والإكسيورس وكل هذه الممرضات تنتقل لقضيب الذكر ومنه للأنثى . وتشير الآية إلى نقطة علمية أخرى وهى (وقدموا لأنفسكم) فقد ثبت علميا أن مقدمات الجماع تؤدى إلى زيادة كمية السائل المنوى المتدفق فى فرج المرأة لما فيها من اللذة ، كما تشير إلى وجوب المحافظة على الصحة بالبعد عن ضرر الوطأ فى محرم لأنه يؤدى إلى نقل الأمراض الجنسية الخطيرة التى تدمر الخصيتين وربما تؤدى للعقم ، وتنتقل إلى الزوجة ، بل وتنتقل للذرية كفيروس الإيدز ، والقرينة الدالة على ذلك من الآية (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ) . ومن التقديم للنفس هو المحافظة عليها بصحة جيدة والمحافظة على النسل لأن الولد امتداد لأبيه.
أوجه الإعجاز:
هذه الآية الكريمة فيها سبق علمى من قوله ﷺ فى تفسيره لهذه الآية لعمر بن الخطاب (واتق الدبر والحيضة) ، حيث لم يتبين للعلماء إلا فى القرن العشرين خطورة اتيان المرأة فى دبرها. فقد تبين لهم أن الشواذ جنسيا (الذين يأتون المرأة فى دبرها ، والمثليين ، ومزدوجى الجنسية (الذين يمارسون الجنس مع الرجال والنساء فى القبل وفى الدبر) ، هم أكثر الناس اصابة بالأمراض المنقولة جنسيا وأن نسبتها فيهم أعلى من نسبتها فى الزناة بالنساء فقط ، وكذلك من قوله تعالى (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ) فعلى الرجل أن يجعل بينه وبين خطورة الأمراض المنقولة جنسيا وقاية ، وعليه أن يحافظ على صحته وعلى صحة زوجه ونسله. كما تشير الآية الكريمة إلى صدق الرسالة وصدق الرسول ﷺ فى تفسيره لها.
المؤلفون | أ.د. حنفي محمود مدبولي |
التصنيف | التشريعي و البياني |
الوسوم | فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ |
عدد المشاهدات | 323 |
عدد المشاركات | 0 |
شارك المادة | |
تحميل المادة | تحميل المادة |