النفس تنطق بوجود الله "وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ"

النفس تنطق بوجود الله "وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ"

يقول نيافة الأنبا (غريغوريوس) أسقف عام الدراسات اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي في مصر: "لو أنه (الإنسان) تأمل ذاته، ونظر إلى أي عضو من أعضاء جسده، ونظر إلى تركيبه وعمله ووظيفته لهاله الأمر، وأدركه الذهول من روعة التركيب وحكمته. انظر إلى عين الإنسان وتركيبها من مقلة تحميها، ومن قزحية وقرنية وعدسة وشبكية وعصب بصري.. إلى غير ذلك من أجزاء وجزيئات وما بها من أهداب وشعيرات وشرايين وأوردة فضلًا عن العضلات والأنسجة والغدد.. ولكل جزء منها وظيفة وعمل واختصاص، وتتعاون كلها ويكمل بعضها عمل بعض بصورة عجيبة...وما نقوله عن العين نقوله عن القلب، هذا العضو العجيب الذي يعمل بلا توقف ليلًا ونهارًا، وينبض سبعين مرة في الدقيقة الواحدة، ولا يستريح لحظة واحدة عن العمل المتواصل.. أرني آلة صنعها الإنسان يمكن أن تعمل بلا توقف وبلا راحة كما يعمل القلب، وهو يحمل عبء الجسم كله.. ولا يقتصر عمله على بيولوجيا الجسم بل إنه –أيضًا- مركز العواطف من حب وكراهية، ومركز الانفعالات السارة والحزينة من فرح إلى حزن وهم إلى خوف وخجل وحماس ويأس.. وما قلناه عن العين والقلب نقوله عن المخ، هذا العضو العجيب حقًا الذي يتقبل إشارات ويرسل إشارات غيرها، يستقبل ويصدر، ويحكم جميع أجهزة الجسم وعلى رأسها الجهاز العصبي... ثم هو يتقبل المعارف والخبرات ويرتبها ويصنفها ويحتجزها للانتفاع بها في مستقبل الأيام. فكيف يختزن المعرفة على تنوعها في كافة ميادين العلم وتشعباته وفروعه؟! وكيف يحتفظ باللغات ومفرداتها وقواعدها وأساليبها..؟ وكيف لا تختلط هذه المعلومات ببعضها؟ وكيف يخرجها عند الاقتضاء واضحة متميزة مستقلة عن بعضها؟ وكيف مع ذلك يمكنه أن يقارن بينها ويوازن بينها ويوفق بينها ويعارض بينها وينقدها ويفحصها ويحكم على صدقها أو على زيفها؟ فكيف عند اللزوم يجمع بينها حين يحاضر أو يتحدث أو يكتب كتابًا أو يحرر مقالًا أو بحثًا مستعينًا بها كما يشاء ؟!

 وبالإجمال كل شيء في الإنسان ينطق بأدلة صارخة على وجود الله. وصدق الله حيث قال:" وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ"(الذاريات:21). فإذا قالوا لقد صنع الإنسان العقل الإلكتروني، قلنا : إن العقل الإلكتروني ليس على نظير المخ البشري أنه آلة حاسبة تعمل بشرط أن تقدم لها مادة أو مجموعة مواد.. ثم هذا الحاسب الإلكتروني لم يصنع نفسه، وإنما صنعه صانع وهو الإنسان.

المؤلفون د.خالد راتب
التصنيف العلوم الطبية
الوسوم وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ
عدد المشاهدات 452
عدد المشاركات 1
شارك المادة
تحميل المادة

مواد ذات صلة

لا توجد عناصر