من اعجاز القرآن الكريم أنه قد أشار الى أن فرعون موسى كان له آلهة، حيث يقول تعالى: (وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا فى الأرض ويذرك وآلهتك..) (الأعراف: 127)، فالمقارنة الظاهرية مع قوله تعالى: (ماعلمت لكم من اله غيرى)، تجعل البعض يشعر بالتناقض بين النصين، فكيف يدعى فرعون الألوهية وفى نفس الوقت يكون له آلهه أخرى؟.
لايمكن الرد على تلك الشبهة الا بالرجوع الى مفهوم الدين عند قدماء المصريين، والذى كان يعتمد على العبادة لا على العقيدة، وعلى تعدد الآلهة، فبالرغم من زعم فرعون أنه اله، فان له أيضا آلهة أخرى كان يعبدها من دون الله، ويقدم لها القرابين.
لقد تبنَّى ملوك مصر القديمة نهجًا شبيهًا بالأعمال التجارية والمقايضة تجاه الآلهة، كما يتضح من النصوص المنحوتة على جدران معابدهم، حيث يقدم الملك قربانًا للإله، فعلى سبيل المثال إذا قدم الملك النبيذ الإلهي فإن هذا الاله بدوره يكافئ الملك بهدية كروم العنب التي تنتج النبيذ؛ وإذا كانت التقدمة الملكية بخورًا، فإن الرب يعد الملك أن يتسلط على الأرض التي جاء منها البخور، ولكن ماذا لو لم يرد الله بالمثل على تقدمة الملك العينية؟، إذا كانوا [أي الآلهة] لا يطيعونه، فلن يكون لهم طعام ولا قرابين، فهو الذي نصب الآلهة على عروشهم، مما يثبت أن الكون يدرك قدرته المطلقة.
بعبارة أخرى، إذا لم ترد الآلهة بالمثل على عروض الملك، فإنهم ينخفضون من حيث المكانة، وعلى العكس من ذلك، فإن تلك الآلهة تتعاطى بالمثل مع الملك ويتم تعظيمها وعبادتها، وهكذا لم تكن آلهة مصر حقاً آلهة مستقلة، بل كانوا آلهة فرعون.
فعلى سبيل المثال، خلال الأسرة التاسعة عشرة، في زمن رعمسيس الثاني، كان الآلهة الثلاثة الرئيسيون للإمبراطورية هم آمون ورع وبتاح، وكما قال البروفيسور كيتشن: (فإن مثل هذه الملصقات أظهرت ببساطة أن هؤلاء الآلهة وغيرهم لم يكونوا سوى "آلهة رعمسيس").
ان من اعجاز القرآن الكريم أن يشير الى تأليه فرعون موسى لنفسه، ومن جانب آخر يشير الى أن له كان له آلهة، مثله فى ذلك مثل باقى ملوك المصريين القدماء، يألهون أنفسهم من جانب ويتخذون لهم آلهة يقدمون لها القرابين لتحميهم من جانب آخر، والحمد لله على نعمة القرآن والاسلام.
المؤلفون | أ.د. يحيى حسن وزيري |
التصنيف | التشريعي و البياني |
الوسوم | آلهة فرعون موسى |
عدد المشاهدات | 424 |
عدد المشاركات | 0 |
شارك المادة | |
تحميل المادة | تحميل المادة |