يقصد بمرونة الفكر الإسلامي في مجال البنوك الإسلامية السهولة في التطبيق، وألا تتسم المبادئ التي يقوم عليها بالجمود الذي يجعلها عاجزة عن تحقيق دواعي المصلحة العامة.
وأساس المرونة التي تميز الفكر الإسلامي في مجال البنوك الإسلامية أنه يحكمه مبادئ وقواعد كلية لم تذكر كافة التفصيلات اللازمة لتطبيق السياسة النقدية، مما يفتح الباب واسعاً أمام اجتهاد العلماء لاستلهام الحلول المناسبة لكل عصر وزمان.
والمتأمل في مبادئ الاقتصاد الإسلامي التي تنظم البنوك الإسلامية يجد توافر كل مظاهر المرونة. فهي سهلة التنفيذ بما يتناسب مع كل عصر لأنها جاءت في صورة قواعد عامة كلية يطبقها كل مجتمع حسب ظروفه.
ومبادئ الاقتصاد الإسلامي في مجال البنوك الإسلامية ليست جامدة بل قابلة للتطوير بما يلائم كل مجتمع وكل عصر ما دام كل ذلك في الإطار العام للشريعة الإسلامية. كذلك تتسم مبادئ الاقتصاد الإسلامي في مجال البنوك الإسلامية بقدر كبير من الثبات والاستقرار وبالتالي فهي ليست عرضة لكثير من التعديلات كما هو الحال في النظم الاقتصادية الأخرى.
والإسلام على أن وسائل الناس لتحقيق مصالحهم الدنيوية المشروعة لا تقع تحت حصر، وهي مما يختلف باختلاف الزمان والمكان، فإذا لم يعتبر منها إلا ما تكفل التشريع الإسلامي برفعه
بقوله سبحانه وتعالي:
﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾.
وبالتالي فإن الأساس العقدي للاقتصاد الإسلامي يوفر له المرونة والعمومية التي يحتاج لها أي نظام. وهذا نتيجة لكونه جزءاً من نظام إسلامي متكامل مُنَزَل من لدن حكيم خبير عليم بكل ما يصلح أحوال خلقه في كل زمان ومكان. وبالتالي فقواعده منزهة عن الخطأ، كلية عامة صالحة لكل مجتمع، وفي كل عصر، وكل ذلك يضمن للاقتصاد الإسلامي صلاحية عامة لكل المجتمعات في كل زمان ومكان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
لذلك وأمام ما سبق فإن علماء المسلمين على جواز إدخال كل جديد يحقق المصالح الاقتصادية والمالية والاجتماعية وغيرها للمجتمع.
ومن ذلك قيام البنوك الإسلامية بتبني احدث السياسات الادخارية لجذب مدخرات الأفراد وتوجيهها للمشروعات الاستثمارية والتنموية التي يعم نفعها على جميع أفراد المجتمع.
كذلك إن كانت هناك أساليب معينة ناسبت حجم المعاملات وطبيعتها في صدر الإسلام، فإن العلماء على جواز تبني الأساليب الحديثة التي تناسب حجم وطبيعة المعاملات المعاصرة. ومن ذلك – على سبيل المثال – أن المضاربة الثنائية (بين صاحب رأس المال والمضارب) كانت تناسب المراحل الأولى لظهور الإسلام باعتبار طبيعة وحجم المبادلات السائدة آنذاك. أما الآن وأمام حجم وطبيعة المعاملات المعاصرة فإن العلماء(10) على جواز تبني أسلوب المضاربة المشتركة التي يقوم فيها البنك بدور المضارب المشترك بين أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين ورجال الأعمال طالما أن العملية تتم برمتها في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية.
وبالإضافة لما سبق فهناك أساليب جديدة اقرها الفقهاء المسلمون في مجال العمليات المصرفية المعاصرة ولم تكن موجودة عند أسلافنا الأوائل.
المؤلفون | أ.د السيد عطية عبد الواحد |
التصنيف | علوم الحياة |
الوسوم | مدى مرونة الفكر الإسلامي |
عدد المشاهدات | 245 |
عدد المشاركات | 0 |
شارك المادة | |
تحميل المادة | تحميل المادة |