النص المعجز: قال تعالى: (وَأَنزَلْنَا مِنَ السّمَآءِ مَآءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10) سورة لقمان ، وقال تعالى: ( وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ(7) سورة: ق المعانى اللغوية: الزوج: كل ما كان له قرين من جنسه وله القدرة على التزاوج بآخر وله ذرية ، ويقال: للرجل زوج، وللمرأة زوج، وهو الفصيح ، وزوجة لغة رديئة ، قال تعالى (اسكن أنت وزوجك الجنة (35) البقرة. و(الزوجان): الاثنان. يقال: عنده زوجا حمام. وكريم ، أي : كثير النّــفع والخير ، وبهيج: أي يبهج من يراه . تفسير العلماء: قال بن كثير: (وأنبتت من كل زوج بهيج ) أي : أنزل الماء على الأرض فأنبت فيها نباتا مباركا فرتعت فيه الدواب المنبثة، وسكن إليه كل حيوان. وقال الإمام السعدى: { زَوْجٍ كَرِيمٍ } المنظر، نافع مبارك،. التوجيه العلمى: جاءت كلمة "زوج" ست مرات نكرة وغير مضافة منها فى أربع آيات تتكلم عن النبات كما فى قوله تعالى : (وَأَنبَتَتْ مِن كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ(5) [الحج] ، (كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ زَوْجٍ كَرِيمٍ(7) [الشعراء] ، (فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ زَوْجٍ كَرِيمٍ(10) [لقمان] ، ( وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ(7) [سورة: ق] . ومنها مرتين فى قوله تعالى: (وَإِنْ أَرَدْتّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مّكَانَ زَوْجٍ ...(20) [النساء]. وبينت الآيات أن النبات وهو فى مرحلة النشأة والنمو زوج ، بينما فى الثمار (زوجين) قال تعالى: (وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ(3) الرعد . وجاءت آيتان (زوج كريم) وآيتان (زوج بهيج) ولمعرفة الحكمة لابد من النظر إلى سياق الآية ولاحقها. ورد فى سورة لقمان العديد من الحكم التى وصى بها لقمان الحكيم إبنه : (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ (12) والحكمة هي الخير الكثير (وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا (269) البقرة. واحتوت سورة الشعراء أفضل نفع للناس بإرسال الرسل لكى يرشدوهم إلى توحيد الله وينذروهم العذاب ويرغبوهم فى الجنة ، فكان المناسب لهذا الخير والنفع الكثير الزوج الكريم من النبات الذى ينتفع بكثرته وخيره الحيوان والطير والإنسان. بينما فى سورة الحج: (وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) ناسب بين الهمود الذى لا بهجة فيه، لكنها عندما تنبت تسر الناظرين ببهجتها. وفي سورة ق (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) ، (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ (10) ، وكل هذا السياق السابق للآية واللاحق لها يدخل البهجة على النفوس فناسب هنا أن يكون النبات بهيج . فالسماء مزينة بالنجوم والكواكب ( وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا (12) فصلت، (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ(6) الصافات ، فناسب أن تكون الأرض مزينة أيضا بالنبات على اختلاف ألوانه وأشكاله وطعومه ليدخل البهجة على النفوس وهذا فضل كبير من الله لعباده إذا نظروا للسماء أو للأرض المنبتة سروا وابتهجوا. وإذا نظرنا إلى سياق الآية من سورة النساء نجد أيضا تحقق المعنيين فيها حيث لا يتم استبدال زوج مكان زوج إلا إذا كانت الزوج نفعها وخيرها قليل ، وإذا كانت لا تسر نظر زوجها ولا تدخل البهجة عليه. وجه الإعجاز: أن النبات فى حالة النشأة والنمو قبل الإزهار يكون زوجا فردا من نوعه ، وليست له القدرة على الإثمار ، لأن الأزهار هي التى تكون أعضاء التذكير والتأنيث فيها مكتملة النضج ومنها تأتى الثمار. وقبل البلوغ لأفراد البشر يقال: (شاب وفتاة) وبعد الزواج (زوجين) . وهذا التدقيق والتفصيل وروعة البيان لا يكون إلا وحيا من العليم الخبير ويدل على صدق الرسول ، وأن القرآن الكريم فيه اشارات علمية دقيقة.