يقول الله سبحانه وتعالى "آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ".. والمخاطبون هنا مسلمون، لكنهم يدعون الى الايمان بالله ورسوله. فهى إذن حقيقة الايمان يدعون لتحقيقها فى قلوبهم بمعناها . وهى لفتة دقيقة . وهم يدعون الى الانفاق ، ومع الدعوة لمسة موحية ، فهم لا ينفقون من عند أنفسهم إنما ينفقون مما استخلفهم الله فيه من ملكه ، وهو الذى له ملك السموات والأرض " .. هو الذى استحلف بنى آدم جملة فى شئ من ملكه ، وهو الذى يحى ويميت " .. فهو الذى استخلف جيلا بعد جيل. وهكذا ترتبط هذه الاشارة بما سبق من الحقائق الكلية فى مطلع السورة ، ثم تقوم هى بدورها فى استثارة الخجل والحياء من الله وهو المالك الذى استخلفهم وأعطاهم ، فماذا هم قائلون حين يدعوهم الى إنفاق شئ مما استخلفهم فيه ومما اعطاهم ؟ وفى نهنة النفوس عن الشح ، والله هو المعطى ولا نفاذ لما عنده ، فماذا يمسكهم عن البذل والعطاء وما فى أيديهم رهن بعطاء الله ؟! ولكنه لا يكلهم الى هذا التذكير وما يثيره من خجل وحياء ، ومن سماحة ورجاء ، وإنما يخاطبهم بمؤثر جديد يخجلهم من كرم الله ويطمعهم في فضله : (فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ). فكيف يتخلف متخلف عن الايمان والبذل في مواجهة هذا الكرم والفضل؟ والآيات مستمرة في الترغيب فى الانفاق فى سبيل الله سبحانه وتعالى . يقول الله تعالى: " وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ..." وعلماء التفسير ان معنى الكلام التوبيخ على عدم الانفاق ، أى أى شئ يمنعكم من الانفاق فى سبيل الله ، وفيما يقربكم من ربكم وأنتم تموتون وتخلفون أموالكم وهى صائرة الى الله تعالى .