النص المعجز: قوله تعالى : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49) الذاريات. المعانى اللغوية: الزوج : خلاف الفرد ، وكل شيئين اقترن أحدهما بالآخر فهما زوجان ، وزاوجه مزاوجة وزواجا : خالطه ، (زوج) الأشياء تزويجا: قرن بعضها ببعض ، الزواج : اقتران الذكر بالأنثى . تفسير العلماء: قال الطبرى: قال مجاهد, في قوله ( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ) قال: الشىء وضده كالكفر والإيمان, والشقاوة والسعادة, والهدى والضلالة, والليل والنهار, والسماء والأرض, والإنس والجنّ.أ.هـ . وهذا بعيد لأنه يختلف عن المعنى اللغوى للزوجين. وقال ابن زيد, في قوله ( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ) قال: ذكرًا وأنثى, ذاك الزوجان, وقرأ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ . قال: امرأته. أ.هـ . وهذا هو الأقرب لمعنى الزوجين ، ويدل عليه قول ربنا عز وجل في سورة النجم : (وَأَنّهُ خَلَقَ الزّوْجَيْنِ الذّكَرَ وَالاُنثَىَ(45) ، وفي سورة القيامة : فَجَعَلَ مِنْهُ الزّوْجَيْنِ الذّكَرَ وَالاُنثَىَ(39) . التوجيه العلمى: ينتج التكاثر فى الإنسان وجميع أنواع الحيوان بالجماع بين الزوجين (الذكر والأنثى) حيث لهما أعضاء تناسلية ظاهرة كوسائل للتكاثر. وقد يحدث الإخصاب عن طريق الجماع وقد لا يحدث بسبب عيب فى قناة فالوب (مكان الإخصاب) فإذا أخذت صبغيات الحيوانات المنوية وتم دمجها مع صبغيات البويضة كما يحدث فى الإخصاب خارج الرحم فى الإنسان (أطفال الأنابيب أو الإخصاب المجهرى) ، أو الحيوان (التلقيح الإصطناعى) ثم أعيدت البويضة المخصبة (اللاقحة) داخل الرحم يحدث الحمل والولادة بإذن الله تعالى. وهذا يبين أن الأصل فى عملية التكاثر اتحاد الأمشاج فى النطاف الذكرية (الحيوانات المنوية) مع الأمشاج فى النطاف الأنثوية (البويضات) ، قال الله تعالى (إِنّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً(2) سورة الإنسان، وقال تعالى: (وَأَنّهُ خَلَقَ الزّوْجَيْنِ الذّكَرَ وَالاُنثَىَ(45) مِن نّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىَ(46) النجم. بينما فى النباتات لا يحدث جماع بين الزوجين ولكن تحتوى المتك على حبوب اللقاح ) الصبغيات الذكرية) وتحتوى المياسم على البويضات ( الصبغيات الأنثوية ) ويحدث الإخصاب بينهما عن طريق الرياح أو الحشرات أو غير ذلك من الوسائل ، فلم تأت آية فى كتاب الله عز وجل تبين أن النبات منه الذكر أو الأنثى وإنما ذكر زوج أو زوجين قال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الأرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ زَوْجٍ كَرِيمٍ(7) سورة الشعراء ، وقوله تعالى: (وَمِن كُلّ الثّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ (3) الرعد. أوجه الإعجاز العلمى: ذكر الزوجين الذكر والأنثى فى الإنسان والحيوان فقط دون غيرهما فى كتاب الله عز وجل ، لظهور الأعضاء التناسلية الخارجية فيهما فعن الحيوان (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ۖ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ۗ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنثَيَيْنِ...(143) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ۗ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنثَيَيْنِ...(144) وعن الإنسان قال تعالى: (وَأَنّهُ خَلَقَ الزّوْجَيْنِ الذّكَرَ وَالاُنثَىَ(45) النجم ، بينما عن الثمرات فى النبات قال تعالى: (وَمِن كُلّ الثّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ (3) الرعد ، ولم يذكر فى النبات الذكر والأنثى. كما يوجد أشياء خلقها الله تعالى تتحقق فيها معنى الزوجين مثل البكتريا والفطريات والخمائر والفيروسات يتم تبادل الجينات وقطع من الحمض النووى بينها ، وينتج عن هذا سلالات جديدة وهذا ما أشارت له الآية الكريمة : (وَمِن كُلّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلّكُمْ تَذَكّرُونَ(49) الذاريات .