العلامات المميزة فى التصميم العمرانى

العلامات المميزة فى التصميم العمرانى

من نماذج الممارسات الاعمارية الفاسدة لقوم عاد، أنهم أقاموا مباني العبث والفجور، وقد أخبر بذلك القرآن الكريم على لسان نبيهم سيدنا "هود" مستنكرا عليهم ذلك في الآيات الكريمة التالية:

(أتبنون بكل ريع آية تعبثون، وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون، وإذا بطشتم بطشتم جبارين، فاتقوا الله وأطيعون)

(الشعراء: 128-131)

فالله سبحانه وتعالى ينعى على "عاد" قوم "هود" أنهم كانوا يبنون بكل ريع، أي مكان مرتفع، آية أي بناءا ظاهرا كالعلم لقصد العبث بمن يمر في الطريق من الناس، وفى ذلك استخدام للأبنية في غير ما شرع الله بناءها، كما يفهم من الآية أيضا أنهم كانوا يبنون في الأماكن المرتفعة ليعرف بذلك غناهم تفاخرا فنهوا عنه ونسبوا إلى العبث.

ومن الناحية العلمية فان الآية (128) من سورة الشعراء، قد احتوت أيضا على أحد المفاهيم والعناصر التي يتم استخدامها في عملية التصميم العمرانى حديثا، وهو ما يطلق عليه مسمى "العلامات المميزة"  Land marks، وهى عبارة عن مباني أو عناصر معمارية تكون ظاهرة للناس كمعالم بصرية داخل القرى أوالمدن يتم الاستدلال بها على معالم الطرق والمدن، وذات طابع معمارى مميز.

وبالرجوع لما ورد بالآية الكريمة فإننا نجد أنها أشارت إلى المعيارين السابقين الواجب توافرهما في العلامات المميزة، وأول هذه المعايير أن عاد كانوا يبنون بكل مكان مرتفع (ريع)، أي أنهم اختاروا المواقع الهامة والمرئية بالنسبة لجميع الناس أو غالبيتهم، وثانيها أنهم كانوا يبنون بهذه المواقع الهامة مباني غاية في الجمال والإتقان لدرجة أنها وصفت بأنها "آية" أي رائعة الشكل، وبذلك أصبحت هذه المباني "علامات مميزة" يمكن الاسترشاد بها أثناء السير أو المرور عليها، ولكن عيبها الوحيد أنها لم تبن لتأدية وظيفة نافعة بل كانت تبنى للعبث والفجور وقطع الطريق على الناس. 

  ان من اعجاز القرآن الكريم الاشارة لبعض العناصر المعمارية والعمرانية مع تحديد المعايير التصميمية المميزة لها، ومن جانب آخر توضيح أن العمل الفنى والمعمارى يجب أن يكون له وظيفة نافعة، فلا يقام من أجل العبث أو تضييع الأموال فيما لاينفع من أجل التفاخر والمباهاة، والحمد لله على نعمة الاسلام.


المؤلفون أ.د. يحيى حسن وزيري
التصنيف العلوم الهندسية
الوسوم الاعجاز التشريعي
عدد المشاهدات 601
عدد المشاركات 1
شارك المادة
تحميل المادة

مواد ذات صلة

الإعجاز في مجيء آيات الميراث في سورة  النساء

الإعجاز في مجيء آيات الميراث في سورة النساء

أسماء السور في القرآن الكريم لها دلالتها، فكل اسم يعبر عن حدث في السورة يعطى لـه القرآن الكريم أهمية خاصة أو درجة أهمية معينة. نزيـد هـذا الأمر وضوحاً: أسماء السور في القرآن الكريم تعطى دلالة معينة، إنها تشير إلـى خصوصية من نوع معين لموضوع هذا الاسم في السورة، وتسمية سورة النساء بهذا الاسم يحمل وجه إعجاز. يتمثل هذا الإعجاز في عناصر متعددة منها:

الزكاة معجزة تشريعية من حيث درجة الإلزام والأهمية

الزكاة معجزة تشريعية من حيث درجة الإلزام والأهمية

الزكاة ركن من أركان الإسلام، وهذا جعلها في وعاء واحد مع الصلاة, والصوم, والحج، مما يدل على  أن الزكـــــاة معجـــــزة من حيث درجـــــة الإلزام والأهميــــــــة، فهي حق مفروض متى توافرت شروطها، والأدلة القرآنية والنبوية كثيرة جدا في وجوب الزكاة، يضاف إليهما إجماع الأمة على ذلك، ويتعضد هذا الالتزام بربط القرآن الكريم بين الصلاة ,والزكاة في آياته، وأن الدولة ملتزمة بمحاربة مانعي الزكاة –كما حدث من سيدنا أبي بكر خليفة المسلمين الأول:" والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله  ﷺ لقاتلتهم على منعه ، فقال عمر : فوالله ما هو إلا أن رأيت أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق

فصل لربك وأنحر

فصل لربك وأنحر

فصل لربك وأنحر