وجعلنا السماء سقفا محفوظا

وجعلنا السماء سقفا محفوظا

جعل الله لنا سكان هذه الأرض سماء، وميزها سبحانه وتعالى بصفتين، أولهما بأنها تعلونا "سقف"، للدلالة على أنها تحمينا مما قد ينهال علينا من الفضاء. ثم جاءت الصفة الثانية لتكتمل تلكم النعمة لنا، وهي أن تبقى تلك السماء موجودة محفوظة لا تفنى ما دام هناك على الأرض حياة. وذلك في لفظة قرآنية معجزة "محفوظا"، حيث جاءت اسم مفعول به. فمع صعود الفضاء، وإطلاق سفن الفضاء وأقمار الرصد الصناعية، تبين جليا أن الكون مليء بالمهالك التي تهدد الحياة على الأرض. فمن تلك المهالك الرياح الشمسية وأشعة الشمس الحارقة والمسببة للسرطان وكذلك الشهب وغيرهم. فلو كانت الأرض مكشوفة دون سقف، لفنت الحياة على الأرض. بل ويفنى ويتبدد معها أيضا أقرب درعين واقيين للأرض، وهما غلافيها الجوي والمغناطيسي، ليكون مصير الأرض كالقمر الذي أصبح عاريا دون غلاف جوي يذكر.

فغلاف الأرض الجوي السفلي (الترويوسفير - الاستراتوسفير - الميزوسفير) هواء نتنفسه، يحمل لنا السحاب، وبه الرياح اللواقح، ويظهر لنا الليل والنهار، وهكذا. ويظل أعلاه طبقات تمتص وتعكس الأشعة الضارة ولا تدخل لأهل الأرض منها إلى النافع كالضوء المرئي. 

بل إن عظيم ما اكتشفه العلم أن تلك الطبقات الجوية محفوظة. نعم كما في النص القرآني "محفوظة"، حيث أن الشمس ترسل لها أشعة تجعلها متأينة، وبالتبعية فإنها تحجب عنا مزيدا من الأشعة الضارة. بل وترسل أيضا سحب محملة بمواد متأينة يدخل بعضها إلى تلك الطبقات الجوية العليا، لتظل تلك الطبقة باقية إلى ما شاء الله. فإذا ما جاء الليل، وبدأ يعود الهواء إلى طبيعته دون تأين، إلا أنه لا يزال به بعض التأين بكمية تناسب الأشعة النجمية الضارة الضئيلة. وهكذا، تبقى الطبقة باقية محفوظة من التلاشي.

ونفس الشيء كلما ارتفعنا في السماء، فالشمس لها مجال مغناطيسي قوي يحيط بكامل المجموعة الشمسية، وهي سقف أعلى، ليحمينا من الرياح النجمية. ثم يعلوه المجرة، وهكذا. فجعل الله السماء ككل سقف، ليس هذا فحسب، بل ومحفوظة أي لا تتلاشى لتبقى حاميا لنا.

ليتضح لنا الآن جليا إعجاز القرآن المبهر والذي سبق العلم، في قوله سبحانه:

﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَّحْفُوظًا ۖ وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ﴾ (الأنبياء - 32)

 فسبحانك ربي ما أعظم شانك.

المؤلفون د./ أحمد محمد عبد البر
التصنيف علم الفلك والفضاء
الوسوم السماء
عدد المشاهدات 779
عدد المشاركات 0
شارك المادة
تحميل المادة

مواد ذات صلة

ظلمات ورعد وبرق

ظلمات ورعد وبرق

بيان ما جاء في قوله تعالي "أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق ..." اللهم صيباً نافعاًالتفسير العلمي والدلالة النصية  الصيب وهو المطر الذي يأتي معه الرعد والبرق أو السحاب الذي يأتي بالمطر وهنا الظلمات علي ثلاث هما ظلمة تكاثفه بتتابعه وظلمة الغمامة وهذا مع ظلمة الليل والتي يوضح فيها البرق والاخيرة ظلمة تتابع المطر ، ويعرف الرعد بصوته والبرق بضوءه والإثنان من أمر حدوث المطر ثم تأتي النار مع البرق فتكون الصواعق وهذه الأمور شاهدها العلم الحديث وفهمها وهي من ميكانيكية الدورة العامة للرياح الذي يقود السحاب لنزول المطر. 

كيف رفعت السماء وحفظت من السقوط على الأرض

كيف رفعت السماء وحفظت من السقوط على الأرض

يخبر المولى عز وجل عن كمال قدرته وعظيم شأنه، بأنه قد رفع السماوات فوق الأرض بدون أعمدة تحملها، كما يراها الناس واضحة للعيان. والسماء في لغة العرب تعني العلو والإرتفاع فكل ما علاك فهو سماء.