وقع التعقيب على هذا المعنى في سورتي الأنبياء والمؤمنين في الآيتين التاليتين:
(إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء: ٩٢]
(يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) [المؤمنون: ٥١ – ٥٢]
حينما نتدبر ختم الآيتين (وأنا ربكم فاعبدون) و(وأنا ربكم فاتقون) يتجلى لنا أن المعنى في سورة الأنبياء أعم، والمعنى في سورة (المؤمنون) أخص، وأن الذكر الحكيم قد أتى بالأعم أولا، ثم أتى بالأخص ثانياً، والعبادة "غاية التذلل ولايستحقها إلا من له غاية الامتثال وهو الله تعالى "والتقوى" حفظ النفس عما يؤثم، وذلك بترك المحظور، ويتم ذلك بترك بعض المباحات" وعليه فإن ماجاء في سورة (المؤمنون) تصعيد للمعنى المذكور في سورة الأنبياء، وماوقع في الأنبياء جاء ملائما لاسم السورة، فدعوة الأنبياء جميعا للعبادة كما جاء في قوله تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (الذاريات/56) فالمعنى: فاعبدون، أي : دون غيري، فإنه لاكفؤ لي، كما أنه ملائم لمقصود السورة الذي هو "الاستدلال على تحقق الساعة وقربها ولو بالموت، ووقوع الحساب فيها على الجليل والحقير، لأن موجدها لاشريك له يعوقه عنها" وللبقاعي إشارة لطيفة ذكرها في سورة (المؤمنون) حيث قال: "ولما كان الخطاب في هذه السورة كلها للخلص من الأنبياء ومن تبعهم من المؤمنين، قال: (فاتقون) أي: اجعلوا بينكم وبين غضبي وقاية من جمع عبادي بالدعاء إلى وحدانيتي بلا فرقة أصلا، بخلاف سورة الأنبياء المصدرة بالناس، فإن مطلق العبرة أولى بدعوتها" فرتب القرآن الحكيم المطلق العام أولا ثم الخص ثانيا، فجرى عمود المعنى على هذا الترتيب.
المؤلفون | أ.د إبراهيم الهدهد |
التصنيف | التشريعي و البياني |
الوسوم | إعجاز ترتيب العموم والخصوص الأنبياء جميعا أمة واحدة |
عدد المشاهدات | 479 |
عدد المشاركات | 1 |
شارك المادة | |
تحميل المادة | تحميل المادة |