سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا

سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا


جامعة بنى سويف ، ورئيس اللجنة الطبية بالمركز الدولى للإعجاز العلمى للبحوث والتدريب

النص المعجز: 

قوله : (وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(67) النحل

المعانى اللفوبة وأفوال المفسرين: قال ابن جرير الطبرى: السَّكَر في كلام العرب على أحد أوجه أربعة: أحدها: ما أسكر من الشراب. والثاني: ما طُعِم من الطعام، وقال جندل: وروايته البيت في اللسان: جَــعَلْتَ أعْــرَاضَ الكَـرامِ سَـكَرَا ، أي:  جعلت ذمهم طعما لك. قال أبو عبيدة في مجاز القرآن (1 : 363 ): "تتخذون منه سكرا": أي طعما، وهذا له سكر: أي طعم. والثالث: السُّكُون، من قول الشاعر: جَعَلْتُ عَيْنَ الحَرُورِ تَسْكُرُ ، أي يسكن حرها ويخبو. ويقال: ليلة ساكرة: أي ساكنة. والرابع: في (اللسان: سكر): تزاد. ويروي: تزيد ليالي في طولها*** وليســـت بطلـــق ولا ســاكرة. أ هـ . 

وقال بعض المفسرين نقلا عن الصحابة والتابعين أن معنى الآية  كما فسرها ابن عباس، قال: السَّكَر: ما حُرِّم من شرابه، والرزق الحسن: ما أحلّ من ثمرته. وبهذا القول قال سعيد ابن جبير،  والحسن والضحاك ومجاهد والشعبى ، وذكروا أن هذه الآية نزلت قبل تحريم الخمر ، وحكموا بنسخها أى: نسخت بآية تحريم الخمر، ولكن قال شيخ المفسرين ابن جرير الطبرى: وكان غير جائز لنا أن نقول: هو منسوخ، إذ كان المنسوخ هو ما نفى حكمه الناسخ ، وما لا يجوز اجتماع الحكم به وناسخه، ومن نـزل بلسانه القرآن عند العرب : هو كلّ ما طعم ، وإذ لم يكن في نفس التنـزيل دليل على أنه منسوخ، أو ورد بأنه منسوخ خبر من الرسول، ولا أجمعت عليه الأمة، فوجب القول بما قلنا من أن معنى السَّكَر في هذا الموضع: هو كلّ ما حلّ شربه ، مما يتخذ من ثمر النخل والكرم، وفسد أن يكون معناه الخمر أو ما يسكر من الشراب، وخرج من أن يكون معناه السَّكَر نفسه، إذ كان السَّكَر ليس مما يتخذ من النَّخْل والكَرْم، ومن أن يكون بمعنى السكون.

وقوله ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ )

، لدلالة واضحة وآية بينة لقوم يعقلون عن الله حججه ، ويفهمون عنه مواعظه .

التوجيه العلمى: ثمرات النخيل والكرم متنوعة المطاعم فمنها الطريّ والنضيج  والمدخر، ومنها التمر والرطب والعجوة ، ومنها المنقوع باللبن والمضاف إلية السمن والبيض ، ومن ثمرات العنب المأكول والمعصور والمذبب وكل هذا يحتوى على الطعم السكر الذى تستطيبه الأنفس وهو حلال بلا شك ، كما أن ثمرات التمر والعنب يمكن بيعها أو استبدالها بأنواع أخر من الرزق الحسن، فتعدد الآية عدة منافع للناس من هذه الثمرات ، ولذلك ذيلت

بقوله تعالى:  ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ )

. ويعتبر التمر قوت اساسي للإنسان سهل الهضم (وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ)  لاحتوائه علي سكريات (70 ـ 78%) مثل الجلوكوز، ويقي الانسان  من  العشى الليلي  لاحتوائه على فيتامين أ، وجفاف الجلد  والبلاجرا ، والسعال  ، ولين العظام ، والأنيما والنزيف ، وامراض اللثة والاسنان لاحتوائه على فيتامين ج ، وفيتامينات ب المركب ، ويلين الأوعية الدموية ويقوى القلب وينظيم ضرباته ، ومقو للكبد ملين للطبع ويعدل المزاج ويدر البول ويغسل الكلى ، ويزيد في حيوية الدماغ والنشاط الجنسي وتقوية العظام والعضلات لاحتوائه على الفوسفور والكالسيوم وفيتامين د  ،. ويحمي من مرض السرطان لاحتوائة على الماغنسيوم ومفيد لتهدئة الأعصاب والقلق والتوتر النفسى لاحتوائه على فيتامين ب المركب ، ويعالج الأنيميا لاحتوائه على الحديد ، ويكافح الدوخة وزوغان البصر، وتحتاجه المرأة الماخض والنفساء لما يعطيها من طاقة عالية ، ومواد تساعدها على الولادة بسهولة ، وتقليل ومنع النزيف بعد الولادة ، وإلى تهدئة أعصابها ومنع القلق والتوتر والاضطرابات النفسية ، كما تحتاج إلى ما يساعدها على ادرار اللبن لرضيعها ، ويحنك به المولود لسرعة وصول الجلوكوز إلى المخ ، وهذا ما وجده الأطباء لعلاج الأطفال المبتسرين ، وكذلك الحال بالنسبة لثمرات الأعناب ، فهى منشطة وملينة ومقوية ومرطبة للجسم لما تحتوية من عناصر كثيرة.

الإعجاز العلمى: فى الأية الكريمة أنواع من الإعجاز البلاغى والبيانى والعلمى، فمن اعجازها البلاغى: الحرف (من) وهى تعنى التبعيض ، إذ ليس كل ثمرات النخيل والأعناب يتخذ منها سكرا ورزقا حسنا ، فمن ثمرات النخيل البسر والفاسد وغير ذلك ، ومن ثمرات الأعناب غير النضيج ، ومنها الفاسد وغير ذلك مما لا ينتفع به ، ومن الإعجاز البيانى:

قوله: (تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا)

للفت الناس إلى ما فى هذه الثمرات من منافع شتى، ومن إعجازها العلمى: ما توصل إليه الباحثون المتخصصون من فوائد هذه الثمرات الغذائية والطبية وهذا يدل على صدق الرسالة وصدق الرسول ﷺ.

 

المؤلفون أ.د. حنفي محمود مدبولي
التصنيف علوم الحياة
الوسوم إعجاز وبيان الآيات البينات
عدد المشاهدات 172
عدد المشاركات 0
شارك المادة
تحميل المادة

مواد ذات صلة

البرهان في تفسير القرآن .. إعجاز وبيان

البرهان في تفسير القرآن .. إعجاز وبيان

أول تفسير مختصر شامل لآيات القرآن الكريم بحاشية المصحف الشريف وبأسلوب سهل ميسر ليستفيد منه الجميع. يحتوي على ما يلي: – الإعجاز العلمي: (الإشارات العلمية الواردة في نصوص القرآن الكريم إلى الحقائق العلمية الثابتة).  – التفسير العلمي: (الإشارات العلمية الواردة في نصوص القرآن الكريم إلى النظريات العلمية الراجحة).  – التفكر والتأمل في مخلوقات الله.  – عرض لهدايات القرآن الكريم وتوجيهاته بإيجاز.

جبال السماء

جبال السماء

 بيان ما جاء في قوله تعالي"ألم تر أن الله يُزجي سحاباً ثم يُؤلف بينه ثم يجعله ركاماً فتري الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد "

إكتشاف  تقنية الرادار من عالم  الطير

إكتشاف تقنية الرادار من عالم الطير

قال تعالى : ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾. الأنعام (38). تفسير البغوي :قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ ﴾، قَيَّدَ الطَّيَرَانَ بِالْجَنَاحِ تَأْكِيدًا كَمَا يُقَالُ: نَظَرْتُ بِعَيْنِي وَأَخَذْتُ بِيَدِي، ﴿ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ﴾، قَالَ مُجَاهِدٌ: أَصْنَافٌ مُصَنَّفَةٌ تُعْرَفُ بِأَسْمَائِهَا يُرِيدُ أَنَّ كُلَّ جِنْسٍ مِنَ الْحَيَوَانِ أُمَّةٌ، فالطير أمة، والهوام أُمَّةٌ، وَالدَّوَابُّ أُمَّةٌ، وَالسِّبَاعُ أُمَّةٌ، تُعْرَفُ بِأَسْمَائِهَا مِثْلُ بَنِي آدَمَ، يُعَرَفُونَ بِأَسْمَائِهِمْ .  إذا كان الإنسان قد عرف صناعة  تكنولوجيا الرادار فى مراقبة الطائرات وتحديد مساراتها بتحديد الذبذبات الصوتية التي تحدثها الطائرات عن بعد، فإنما أخذ العلماء ذلك بمراقبتهم ومتابعتهم لبعض سلوكيات عالم الحيوان وعالم الطير