من الخطأ الفادح أن ننظر إلى الميراث كقضية مستقلة بمنأى عن المنظومة التشريعية الخاصة بالمعاملات المالية، ؛ بمعنى أنه لا يمكن فصل الميراث عن المعاملات المالية الخاصة بأفراد المجتمع سواء أكانوا رجالا أم نساء، وهذا ما أكده عليه الإسلام حيث قرر للرجال والنساء حق الاستحقاق المالي، دون تفضيل جنس على جنس ، وإن اختلفت نسبة هذا الاستحقاق أحيانا في موضع عوض صاحبه عن هذا النقص في موضع آخر، قال تعالى:
"لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا" (النساء:32).
كما أن الإسلام عند توزيع الحقوق المالية على المستحقين –كما في الميراث- ينظر إلى المنظومة المالية بنظرة متكاملة (فينظر إلى ما يتحصل عليه الإنسان من موارد مالية، وما عليه من مستلزمات مالية تجاه الآخرين)، فالنساء لهن موارد مالية متعددة غير الميراث، لهن حق في النفقة والمهر والصداق والمسكن والرعاية الكاملة...وكل هذه النفقات (المستلزمات الواجبة) يتحملها الرجال، وبذلك يُرفع عن المرأة بعض المسئوليات المالية، وتزداد مواردها المالية.
وفي ظل هذه المنظومة المالية المتكاملة في الإسلام يجب أن نفهم النص الذي قرر أن المرأة ترث نصف الرجل، مع العلم أن هذا النص ليس على عمومه في مسألة وإنما في حالتين اثنتين فقط:
الأولي: في حالة ميراث الأبناء والبنات إذا ورثوا بالتعصيب، يقول تعالى:
"يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ"(النساء: 11).
الثانية: في حق ميراث الإخوة والأخوات، يقول تعالى:
"وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ" (النساء: 176).
فياله من شرع حكيم في تعامله مع كل القضايا بنظرة شاملة متكاملة دون ظلم لأحد.
المؤلفون | د.خالد راتب |
التصنيف | التشريعي و البياني |
الوسوم | الاعجاز التشريعي |
عدد المشاهدات | 299 |
عدد المشاركات | 0 |
شارك المادة | |
تحميل المادة | تحميل المادة |
كان مناط الميراث عند العرب قبل الإسلام (الرجولة والقوة ) فكانوا لا يجعلون من الميراث حظا للنساء ، ولا الأولاد الصغار ، ولا يرث الرجل إذا مات من أبنائه إلا من أطاق القتال ، ولهذا كانوا يعطون الميراث للأكبر فالأكبر . كما كان العرب يتوارثون بالحلف والمعاقدة ، فكان الرجل يعقد مع الرجل – ليس بينهما نسب أو قرابة – حلفاً على التناصر ، فإذا مات أحدهما ورثة الآخر ، ويحرم ابنه وأخوه من الميراث إذا كان لا يطيق القتال ، ويحرم من الغنيمة. و كان الأمر قريباً من هذا النظام في التوريث لدى اليهود .
(وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) ( الروم : 23 ) . يقول ابن كثير : أي ومن الآيات ما جعل لكم من صفة النوم في الليل والنهار ، فيه تحصل الراحة وسكون الحركة ، وذهاب الكلال والتعب ، وجعل لكم الانتشار والسعي في الأسباب والأسفار في النهار ، وهذا ضد النوم ، ( إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون ) أي يعون
الإعجاز التشريعي في نظام الميراث في الإسلام.