للوقوف على مظهر الإعجاز في القضية محل البحث وهي: موقف المنهج الإسلامي المشجع للاستثمار ودوران رأس المال في العملية الإنتاجية سنعرض أولا لتعريف الاستثمار.
تعريف الاستثمار:
يعرف الاستثمار بأنه: هو صافي الإضافة الحاصلة إلى مجمل ثروة المجتمع التي تتحقق إذا لم يستهلك الدخل الجاري(أي الإنتاج الجاري) بأكمله. إذاً الاستثمار الرأسمالي هو النقود التي تنفق على خلق أصول ثابتة جديدة إنتاجية وغير إنتاجية وتجديد وتوسيع الأصول الثابتة القائمة.
النص المعجز:
قوله: "لا يبارك في ثمن أرض أو دار إلا أن يجعل في أرض أو دار".
الحقيقة الشرعية المرتبطة بالنص:
يرشد حديث المصطفى "إلى ضرورة أن يظل رأس المال دائرا في فلك العملية الإنتاجية , لا أن يخرج منها لمجال الاستهلاك ولئن ورد في الحديث مصطلح أرض أو دار" فذلك نموذج لمايعد أصلا إنتاجيا يجب أن يحافظ الإفراد والمجتمع عليه باعتباره قوة اقتصادية تحفظ للمجتمع قوته وازدهاره.
ويقول سبحانه وتعالي:
"وكان له ثمر فقال لصاحبه أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا"
قال الجوهري: الثمرة واحدة الثمر, وجمع الثمر ثمار مثل جبل وجبال. قال الفراء" وجمع الثمار ثمر. مثل كتاب وكتب. وجمع الثمر ثمار. مثل عنق وأعناق وقيل الثمر جميع المال من الذهب والفضة والحيوان وغير ذلك.
بهذا يتضح حرص الإسلام على تراكم رأس المال, ودعوته للمسلمين ألا يوجهوا أموالهم للأغراض الاستهلاكية فقط,بل ينبغي أن يوجه جزء منها للاستثمار وتحقيق أغراضه وهذا ما يحفظ للاقتصاد القومي قوته وقدرته على التجدد والتقدم المستمر.
| المؤلفون | أ.د السيد عطية عبد الواحد |
| التصنيف | العلوم الإنسانية والاجتماعية |
| الوسوم | الاعجاز التشريعي |
| عدد المشاهدات | 749 |
| عدد المشاركات | 0 |
| شارك المادة | |
| تحميل المادة | تحميل المادة |
فالإسلام قبل أن يكلف أحدا بأمر ما لا بد من تهيئته للحكم التكليفي ، وقد تم ذلك في الأحكام المتعلقة بالميراث ،حيث جاء التمهيد العام لاستقبال أحكام الميراث بإثبات الملكية المطلقة لله وأنه سبحانه له ميراث السماوات والأرض وأن ملكية الناس للمال هي ملكية استخلاف ،وهذا التمهيد يجعل النفوس تبذل المال وتنصاع للأحكام التي تخصه دون نزاع أو اعتراض ،قال تعالى : ﴿ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ (آل عمران: 180). وقال سبحانه :﴿ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ (الحديد: 10) .وإن المتأمل لهاتين الآيتين الكريمتين يلفت انتباهه أمور منها:
آيات الأحكام المرتبطة بالمواريث جاءت غاية في الإيجاز البليغ، مع شُمُولها كلَّ جوانب الأحكام التي تتناولها؛ فهي مُوجزة وشاملة، والجمعُ بين الشُّمول والإيجاز لون من الإعجاز التشريعي، فهناك آيتان مُتتاليتين في سورة النِّساء، وآية ثالثة، في آخر السُّورة نفسها، هذه الآيات الثَّلاث جمعت أغلب قواعد وأحكام علم الميراث- الذي شرح في أسفار كبيرة- وجمعت نصيب كل وارث في التركة ،بل وأعطت غير الوارثين عطاءات أخرى مثل الوصية المستحبة، مما سهل على الفقهاء التعامل مع علم المواريث من زوايا متعددة، فبدأوا بالحديث عن الحقوق المتعلقة بالتركة وترتيبها، وأسباب الميراث وشروطه وموانعه، وأنواع الورثة وبيان نصيب كل واحد، وبيان من يحجب من الميراث ...، وهذا يدل دلالة واضحة على اتساع الرؤية الفقهية- المستنبطة من آيات الميراث قليلة العدد- في استيعاب الأحكام المتعلقة بالميراث. كما أحكام المواريث قد صيغت بدقة عالية ، فجل الأحكام التي استنبطها العلماء في المواريث مرجعها إلى بضع آيات في سورة النساء ،وبعض الأحاديث، وهذا إعجاز أيضاً يضاف إلى رصيد هذه النصوص الشرعية، وأقول جازماً بأنه لا يمكن لأي نص قانوني من وضع البشر أن يشتمل على كل هذه الأحكام الكثيرة- وهذا بغض النظر عن العظمة والدقة في هذه الأحكام-، وكل هذا يدل دلالة واضحة على إعجاز هذه النصوص لكل البشر حتى لو اجتمعوا لذلك، وصدق الله القائل: ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً﴾ (الإسراء: 88).
النص المعجز: ما رواه البخاري من أن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال " سالت رسول الله صلي الله عليه وسلم فأعطاني, ثم سألته فأعطاني ,ثم سألته فأعطاني, ثم قال يا حكيم "إن هذا المال خضره حلوة ,فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه , ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه, كالذي يأكل ولايشبع, اليد العليا خير من اليد السفلي. ثم قال حكيم : فقلت يارسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا, فكان أبو بكر رضي الله عنه يدعو حكيما إلي العطاء فيأبي أن يقبله, ثم إن عمر رضي الله عنه دعاه ليعطيه فأبي أن يقبل منه شيئا فقال عمر: إني أشهدكم يامعشر المسلمين علي حكيم أنى أعرض عليه حقه من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه فلم يرزأ حكيم أحدا من الناس بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم حتى توفي.