النص المعجز:
{وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ}
(4) سورة الرعد
المعانى اللغوية: الصنوان : هي النخلات في أصل واحد ، وغير الصنوان : المتفرقات ، وقال أهل التفسير صنوان : مجتمع ، وغير صنوان : متفرق ، والجنات: هى الأشجار.
تفسير الآية: والنخيل التي بعضها (صِنْوَانٌ) وهى الأصول المجتمعة في منبت واحد ، (وَغَيْرُ صِنْوَانٍ) المتفرقة ، والجميع (يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ) وأرضه واحدة ،
(وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ)
لونا وطعما ونفعا ولذة؛ فهذه حلوة وهذه مرة وهذه بين ذلك.
التوجيه العلمى: جمعت الآية الكريمة بين الأعناب والزرع والنخيل والتى ذكرت أن منها الصنوان وغير الصنوان. وذكر علماء الزراعة أن النباتات التي تنتج عن فسائل (النخيل) أو تطعيم من نفس النبات أو عن درنة (البطاطس) أو جزء من كورمة (القلقاس) أو بصله فإنها تحمل صفات وراثية مماثلة للنبات الذي أخذت منه ، وهي نباتات صنوان، لأن الصنوان تدل على الأصل (الوراثي) الواحد ومنها ما يكون متفرق (غير صنوان). كما أن من ثمار الأعناب والزروع والنخيل منها فرادى كالمانجو والرمان والبطيخ (غير صنوان) وبعضها تكون مجتمعة فى عزق واحد كالتمر أو غصن واحد كالعنب والكريز (وهذه صنوان)
أوجه الإعجاز: وفى الآية الكريمة اعجازا علميا من حيث بيان أن الأعناب والزروع والنخيل كأشجار منها الصنوان وغير الصنوان من حيث أصل نبتها، ومن حيث تجمع ثمارها. كما فى الآية اعجازا بيانيا وهو نسق الترتيب فقد توسط الزرع بين الأعناب والنخيل من حيث التجاور فى المسافات ومن حيث التجاور بين الثمرات فثمرات العنب غالبا متجمعة فى عناقيد (صنوان) ولذلك جاءت أولا ، بينما ثمرات الزرع والنخيل منها المتجمع (صنوان) ومنها فرادى (غير صنوان). وهذه التفاصيل فى علوم الزراعة لم تكن متوفرة فى زمن نزول الوحى أو البيئة التى نزل فيها ، فسبحان من هذا كلامه ، وهذا يدل على صدق الرسالة وصدق الرسولﷺ .
![]()
![]()
المؤلفون | |
التصنيف | التشريعي و البياني |
الوسوم | الاعجاز التشريعي |
عدد المشاهدات | 2343 |
عدد المشاركات | 0 |
شارك المادة | |
تحميل المادة | تحميل المادة |
من نماذج الممارسات الاعمارية الفاسدة لقوم عاد، أنهم أقاموا مباني العبث والفجور، وقد أخبر بذلك القرآن الكريم على لسان نبيهم سيدنا "هود" مستنكرا عليهم ذلك في الآيات الكريمة التالية: (أتبنون بكل ريع آية تعبثون، وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون، وإذا بطشتم بطشتم جبارين، فاتقوا الله وأطيعون) (الشعراء: 128-131)، فالله سبحانه وتعالى ينعى على "عاد" قوم "هود" أنهم كانوا يبنون بكل ريع، أي مكان مرتفع، آية أي بناءا ظاهرا كالعلم لقصد العبث بمن يمر في الطريق من الناس، وفى ذلك استخدام للأبنية في غير ما شرع الله بناءها، كما يفهم من الآية أيضا أنهم كانوا يبنون في الأماكن المرتفعة ليعرف بذلك غناهم تفاخرا فنهوا عنه ونسبوا إلى العبث.
ما الفرق بين المأوى والمثوى
إن المتأمل في آيات الأحكام يجد إعجازا تشريعيا ،فكل حكم يلتزم به المسلم لا بد من ربطه بجانب أخلاقي أو روحي ؛والهدف من ذلك تنمية الاستجابة للحكم داخل الضمير الإنساني والمجتمع، وسنعرض بعض النماذج التطبيقية على ربط الحكم الشرعي بالجانب الروحي والخلقي فقبل عرض أحكام المواريث (في سورة النساء) بداية من الآية الحادية عشر يأتي الأمر من الله بتقوى ومراقبته ،حيث افتتحت سورة النساء بأمر الناس جميعا بالتقوى، والحث على العبادة في إخلاص، والأمر بصلة الأرحام، وبيَّنت الآيات الأسباب الداعية لإقامة ورعاية تلك العلاقات على أسس متينة من التقوى والعدل، حيث إنه- وإن بث البشر في أقطار المعمورة -فقد خلقهم قبل ذلك من نفس واحدة، فهم يرجعون إلى أصل واحد، مما يستدعي عطف بعضهم على بعض، و يستوجب حنو بعضهم على بعض لإشاعة المودة وإفشاء التعاون والمحبة تحت مظلة الدين الخاتم، فجاء الأمر بالتقوى مقرونا بصلة الأرحام والنهي عن قطيعتها، لتأكيد أن لزوم تلك الحقوق، كلزوم القيام بحق الله تعالى، ففي هذه السورة يتم تجسيد ملامسة الفطرة الإنسانية في وشائجها وعلاقاتها الفطرية، رسما لمنهج مجتمع فاضل، تحكمه روابط أصيلة وتسيره أوامر رب العالمين بمقتضى الفطرة، وقطعا لدابر أي انحراف .