إعجاز الترتيب التصاعدي في الحديث عن هيئة خروج الناس من القبور عند البعث

إعجاز الترتيب التصاعدي في الحديث عن هيئة خروج الناس من القبور عند البعث

(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ)

[يس:51].

(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ * خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ)

[القمر: ٦ – ٧].

(يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ)

[المعارج: ٤٣ – ٤٤].

(وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ)

[الانفطار: ٤].

(أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ)

[العاديات: ٩].

(يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ)

[القارعة: ٤].

جاء هذا المعنى في ست سور من الذكر الحكيم هي على ترتيب المصحف (يس ـ القمر ـ المعارج ـ الانفطار ـ العاديات ـ القارعة) في سورة يس ذكر (الأجداث) جمع جدث وهو القبر ، وقع الفعل (ينسلون) ومعناه: يمشون مشيا سريعا، دون تصوير لهيئة هذا المشي السريع، وفي سورة القمر صورت هيئتهم عند الخروج، فهم في صورة تشبه صورة الجراد المنتشر، في التزاحم (كأنهم جراد منتشر) عند الخروج من القبور،فهي صورة تلي الصورة التي أجملتها سورة يس، وفي سورة المعارج، ركزت الصورة على هيئة إسراعهم، فهم يمشون سريعا كأنهم يتسابقون في الوصول إلى علم منصوب، كما كانوا يسرعون في الدنيا إلى أصنامهم التي ينصبونها للعبادة،وهي صورة السير وهيئته، فهي تلي هيئة الخروج، ثم جاءت سورتا الانفطار  والعاديات معلنتان عما ينتهي إليه السير السريع المشبه التسابق من البعثرة، وترى الترتيب لائحا في الانفطار والعاديات، فالقبور في الانفطار بعثرت، ومافي القبور في العاديات هو الذي بعثر، فالقبور تبعثر أولا، ومافيها يبعثر ثانيا، فهما على تقاربهما ترى ترتيب المعنى وتصعيده لائحا، فالبعثرة تفريق وتشتيت، وهو غير التماسك والإسراع في المعنى السابق، وهو تمهيد للمعنى النهائي الذي جاء في سورة القارعة (كالفراش المبثوث) وقد ذكر الكرماني معنى ذلك فقال: شبههم بالفراش التي تطير من هنا ومن هنا ولاتجري على سمت واحد وهي همج يجتلبها السراج، وهو المناسب للبعثرة المذكورة في العاديات قبلها، فجاء التشبيه مصورا لهيئة البعثرة، ومن شدة ضعفه وصف باسم المفعول، عكس ماوصف به الجراد في سورة القمر، فكما تبصر المعنى مبتداه من سورة يس،التي مقصودها ـ كما ذكر البقاعي ـ إثبات الرسالة التي هي روح الوجود وقلب جميع الحقائق، وذلك المقصود يلائمه ابتداء المعنى، ومنتهاه في سورة القارعة  التي مقصودها ـ كما ذكر البقاعي ـ إيضاح يوم الدين بتصوير ثواني أحواله في مبدئه ومآله وتقسيم الناس إلى ناج وهالك، واسمها القارعة واضح في ذلك.

مواد ذات صلة

إعجاز الترتيب التصاعدي في معنى تصوير عجز الأصنام

إعجاز الترتيب التصاعدي في معنى تصوير عجز الأصنام

أما تشبيه العنكبوت فمقصوده تصوير عجز الأصنام عن الدفع، وحماية أنفسها، وحماية عابديها، وهو أشد العجز ، وقال العلامة ابن عاشور: "ولما بينت لهم الأشياء والأمثال من الأمم التى اتخذت الأصنام من دون الله فما أغنت عنهم أصنامهم لما جاءهم عذاب الله أعقب ذلك بضرب المثل لحال جميع أولئك وحال من ماثلهم من مشركى قريش فى اتخاذهم ما يحسبونه دافعا عنهم وهو أضعف من أن يدفع عن نفسه بحال العنكبوت تتخذ لنفسها بيتا تحسب أنها تعتصم به من المعتدى عليها فإذا هو لا يصمد".

إعجاز الترتيب التصاعدي في معنى حسرة الكافرين على ضياع أعمالهم في الآخرة

إعجاز الترتيب التصاعدي في معنى حسرة الكافرين على ضياع أعمالهم في الآخرة

الآيات الكريمة على هذا الترتيب في المصحف الشريف، وعند تدبر صورة الأعمال وماتكون عليه يوم القيامة في سورة آل عمران نرى الأعمال حرثا هالكا  (كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ) بسبب الريح ذات البرد الشديد،فهي صورة لأول الضياع وفيه من الحسرة مافيه، وفي سورة إبراهيم صار الحرث بعد الحرق رمادا اشتدت به الريح في يوم عاصف، (كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ).

إعجاز الترتيب التصاعدي في الحديث عن هيئة خروج الناس من القبور عند البعث

إعجاز الترتيب التصاعدي في الحديث عن هيئة خروج الناس من القبور عند البعث

إعجاز الترتيب التصاعدي في الحديث عن هيئة خروج الناس من القبور عند البعث.