إعجاز الترتيب التصاعدي في الحديث عن هيئة خروج الناس من القبور عند البعث.
أما تشبيه العنكبوت فمقصوده تصوير عجز الأصنام عن الدفع، وحماية أنفسها، وحماية عابديها، وهو أشد العجز ، وقال العلامة ابن عاشور: "ولما بينت لهم الأشياء والأمثال من الأمم التى اتخذت الأصنام من دون الله فما أغنت عنهم أصنامهم لما جاءهم عذاب الله أعقب ذلك بضرب المثل لحال جميع أولئك وحال من ماثلهم من مشركى قريش فى اتخاذهم ما يحسبونه دافعا عنهم وهو أضعف من أن يدفع عن نفسه بحال العنكبوت تتخذ لنفسها بيتا تحسب أنها تعتصم به من المعتدى عليها فإذا هو لا يصمد".
إعجاز الترتيب التصاعدي في معنى حسرة الكافرين على ضياع أعمالهم في الآخرة.
الآيات الكريمة على هذا الترتيب في المصحف الشريف، وعند تدبر صورة الأعمال وماتكون عليه يوم القيامة في سورة آل عمران نرى الأعمال حرثا هالكا (كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ) بسبب الريح ذات البرد الشديد،فهي صورة لأول الضياع وفيه من الحسرة مافيه، وفي سورة إبراهيم صار الحرث بعد الحرق رمادا اشتدت به الريح في يوم عاصف، (كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ).
جاء هذا المعنى في ست سور من الذكر الحكيم هي على ترتيب المصحف (يس ـ القمر ـ المعارج ـ الانفطار ـ العاديات ـ القارعة) في سورة يس ذكر (الأجداث) جمع جدث وهو القبر ، وقع الفعل (ينسلون) ومعناه: يمشون مشيا سريعا، دون تصوير لهيئة هذا المشي السريع، وفي سورة القمر صورت هيئتهم عند الخروج، فهم في صورة تشبه صورة الجراد المنتشر، في التزاحم (كأنهم جراد منتشر) عند الخروج من القبور،فهي صورة تلي الصورة التي أجملتها سورة يس.
الترتيب التصاعدي بين، فنحن نبصر أن القرآن الكريم وصف الشمس بأنها تشبه السراج في سورة نوح ـ عليه السلام ـ وهي السابقة في ترتيب المصحف على سورة النبأ، والتراكيب في سورة نوح متجهة لبيان مقصودها وهو "الدلالة على تمام القدرة على ما أنذر به آخر سأل من إهلاك المنذرين وتبديل خير منهم" وكان التذكير بنعم الله مرتكز إنذارهم من الآية الحادية عشرة إلى نهاية الآية العشرين، فقيدت النعم بأعلى ماتؤديه فالقمر نور والشمس سراج، والأرض بساط وهكذا، وجاء نمط التذكير أوجز مايكون وأبلغه في السورة الكريمة.