من لطائف الإعجاز البلاغي في الآية الكريمة أن النظم الكريم استخدم كلمة (امرأة) وكلمة (بعل) ولم يقل: زوج ولازوجة، لأن الحال بين الزوجين ليست على مايرام، وإنما هما في شقاق، وهذه إشارة قرآنية إلى أن ما يعكر صفو الحياة بين الزوجين يرفع عنهما هذا الوصف فيطلق على الزوج (بعل) ويطلق على الزوجة (امرأة) تراه أيضا إذا ما كانت هناك أية صفة تخل بكمال الزوجة لذا قال في سيدنا إبراهيم (وهذا بعلي شيخا) لكونه غير قادر على الوفاء بحق الزوجة في إعانتها على الحمل والولادة، وفي سيدنا زكريا (وامرأتي عاقر) ولم يكن: وزوجي عاقر، وكذا إذا كانت المرأة بلا زوج (إني وجدت امرأة تملكهم) و (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي) ثم ترى القرآن يرصد طريق الحماية للأسرة فقال (وإن امرأة خافت...) أي: على الزوجة أن تنتبه لتصرفات زوجها فإذا رأت منه استكبارا ، فلا تضق ذرعا بمصارحته ومعرفة أسباب ذلك، ومن الإعجاز تسمية الاستكبار بالنشوز )نشوزا) لأن الأصل في النشر أنه يطلق على الأماكن المرتفعة، فقد استعار النظم النشوز للاستكبار لينقل الأمر من المعاني النفسية إلى الملموس المحسوس فالقرآن يشبه من يتكبر على زوجته بالمكان العالي الذي يأبى التواضع للأم اكن المنخفضة، كما أن النشور الذي هو الاستكبار أمر نفسي، والإعراض أمر ظاهر فجمع القرآن بين
الدافع والتصرف الناتج عن الدافع وكل ذلك بأوجز لفظ وأنصع بيان.
المؤلفون | أ.د إبراهيم الهدهد |
التصنيف | العلوم الإنسانية والاجتماعية |
الوسوم | العلوم الإنسانية والاجتماعية |
عدد المشاهدات | 466 |
عدد المشاركات | 0 |
شارك المادة | |
تحميل المادة | تحميل المادة |
يمكن أن نبرهن على معرفة الفكر الإسلامي لقاعدة الاقتصاد في نفقات التحصيل من وجوه متعددة منها: أن نظام الزكـاة بذاتـه مـن شـأنه أن يقلـل - إلى حـد كبير – من نفقات تحصيل الزكاة. ويرشدنا لذلك قوله ﷺ لمعاذ بن جبل (حينما بعثه إلى اليمن): "فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم...". فعـن ابـن عبـاس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قال: "إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأنـي رسـول الله، فـإن هـم أطـاعوك لـذلك، فأعلمهم أن الله افـتـرض عليهم خمـس صـلوات في كـل يـوم وليلـة، فـإن هـم أطـاعوك لـذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صـدقة تؤخـذ مـن أغنيائهم، فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك، فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب". [رواه الجماعة]. فنظام الزكاة يقـوم بصفة أساسية على أن يقـوم محصل الزكاة بجمع الزكاة من أغنياء إقليم معين ثم يقـوم بإعادة توزيـع هـذه الحصيلة على فقراء هـذا الإقليم، مما يعني أنه لن يتكلف أية نفقات في سبيل تحصيل الزكاة. ومما يدعم هذا المعنى أيضا أن كل غني مسلم يعلم أن إخراج الزكاة فرض وواجب عليـه مـمـا يدعوه إلى المساعدة في إخراج هذا الحق بصورة سهلة وميسورة. وقد جاء في كتاب الأموال لأبي عبيـد مـا يؤكـد المعاني السابقة فقد جاء فيه: "حدثنا محمد بن كثير عن النعمان بن الزبير قال: (استعمل محمد بـن يوسـف طاوسا عن مخلاف فكـان يأخذ الصـدقة مـن الأغنياء فيضعها في الفقـراء. فلمـا فـرغ قـال لـه: ارفـع حسـابك. فقـال: مـالي حساب. كنت آخذ من الغني فأعطيه المسكين). هكذا يفضي تطبيق نظام الزكاة إلى توفير كثير من الأموال التي تستخدم في تحصيل الزكاة وذلك بسبب محلية تطبيق الزكاة.
فذلك واجب، فإن أخفاء كان ظالماً عاشا والغش حرام، وكان تاركا للنصح في المعاملة، والنصح واجب يقول عليه الصلاة والسلام: "الدين النصيحة، الله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم".
سبب حمل الإسلام على هذه الطبقة أنها طبقة معطلة فهي طاقة بشرية وأيضا مادية بما تملكه من أموال أوصلتها إلى حد الترف. فطاقة مثل هذه لابد أن تتجه إلى تصريف ما بها ولن يكون تصريفه إلا في مصارف تافهة تلتقى جميعها عند حد التفاهة والميوعة والقذارة الحسية والمعنوية . إن محاربة الإسلام للترف، إنما هو محاربة لفساد العقول وتخريب الأموال لأن الترف نتيجته ترهل الأجسام والعقول. لذلك جعل الله سبحانه وتعالى المترفين من أصحاب الشمال. يقول سبحانه: "وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم وحميم . وظل من يحموم، لا بارد ولا كريم، إنهم كانوا قبل ذلك مترفين.. وصور ابن خلدون مفاسد الترف بقوله: "إن أكثر المترفين يترفع عن مباشرة حاجاته، أو يكون عاجزا عنها لما ربى عليه من خلق التنعم والترف فيتخذ من يتولى ذلك ويقطعه عليه أجراً من ماله، وهذه الحالة غير محمودة بحسب الرجولية الطبيعية للإنسان، إذ الثقة بكل احد عجز ولأنها تزيد في الوظائف والخرج وتدل على العجز والخنث الذي ينبغي في مذاهب الرجولية التنزه عنهما. ومن مفاسد الترف أيضاً: أنه يترتب عليه التفنن في شهوة البطن، والمأكل والملاذ فيفضي ذلك إلى فساد النوع. ووصل ابن خلدون في وصف الأثر المخرب للترف إلى أنه يعصف بالدولة كلها فتضعف الحماية – أي نتيجة للترف- لذلك وتسقط قوة الدولة ، وتجاسر عليها من يجاورها من الدول ومن هو تحت أيديها من القبائل والعصائب ويأذن الله فيها بالفناء.