ورد تصوير نعمة الشمس في موضعين من كتاب الله، الموضع الأول أنها سراج، والموضع الثاني أنها سراج وهاج.
(أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا)
[نوح: ١٥ – ١٦].
(وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا)
[النبأ: ١٣].
الترتيب التصاعدي بين فنحن نبصر أن القرآن الكريم وصف الشمس بأنها تشبه السراج في سورة نوح ـ عليه السلام ـ وهي السابقة في ترتيب المصحف على سورة النبأ، والتراكيب في سورة نوح متجهة لبيان مقصودها وهو "الدلالة على تمام القدرة على ما أنذر به آخر سأل من إهلاك المنذرين وتبديل خير منهم" وكان التذكير بنعم الله مرتكز إنذارهم من الآية الحادية عشرة إلى نهاية الآية العشرين، فقيدت النعم بأعلى ماتؤديه فالقمر نور والشمس سراج، والأرض بساط وهكذا، وجاء نمط التذكير أوجز مايكون وأبلغه في السورة الكريمة.
أما الأمر في سورة النبأ فمختلف حسب اختلاف مقصود السورة، لكن الحديث عن نعمة الشمس ورد في السورتين في سياق متقارب وهو التذكير بالنعم، لكن النعم المذكورة في سورة النبأ أكثر وأغزر، وجاء التذكير بها على الاستفهام التقريري، وبنظرة عجلى في النعم المذكورة في السورتين يتبين الفرق فالسموات طباق في نوح وهي سبع شداد في النبأ والجبال في النبأ أوتاد وليست مذكورة في نوح والمطر مدرار في نوح وهو ماء ثجاج في النبأ وهكذا يبدو لكل ذي بصر أن النهج الذي نهجته سورة النبأ يتخذ التصعيد في التذكير بالنعم طريقا يمضي عليه ومن هنا جاء وصف الشمس في السورة بأنها سراج وهاج تلاؤما مع هذا التصعيد، واتساقا مع غرض السورة ومقصودها الذي هو الدلالة على أن يوم القيامة ثابت ثباتا لايحتمل شكا ولاخلافا بوجه فجاء التقرير بالنعم اتساقا مع مقصود السورة ومطلعها المصدر باستفهام مفاده " تفخيم شأن مايتساءلون عنه، كأنه لفخامته خفي جنسه فيسألون عنه" فقد جاء تصعيد المعنى على هذا الترتيب المعجز، واتسق كل نمط من البيان عن المعنى مع سياقه الذي غرس فيه، ومقصود السورة الذي جاء لتحقيقها.
المؤلفون | أ.د إبراهيم الهدهد |
التصنيف | التشريعي و البياني |
الوسوم | إعجاز الترتيب التصاعدي معنى نعمة الشمس |
عدد المشاهدات | 533 |
عدد المشاركات | 0 |
شارك المادة | |
تحميل المادة | تحميل المادة |
إعجاز الترتيب التصاعدي في معنى حسرة الكافرين على ضياع أعمالهم في الآخرة.
أما تشبيه العنكبوت فمقصوده تصوير عجز الأصنام عن الدفع، وحماية أنفسها، وحماية عابديها، وهو أشد العجز ، وقال العلامة ابن عاشور: "ولما بينت لهم الأشياء والأمثال من الأمم التى اتخذت الأصنام من دون الله فما أغنت عنهم أصنامهم لما جاءهم عذاب الله أعقب ذلك بضرب المثل لحال جميع أولئك وحال من ماثلهم من مشركى قريش فى اتخاذهم ما يحسبونه دافعا عنهم وهو أضعف من أن يدفع عن نفسه بحال العنكبوت تتخذ لنفسها بيتا تحسب أنها تعتصم به من المعتدى عليها فإذا هو لا يصمد".
جاء هذا المعنى في ست سور من الذكر الحكيم هي على ترتيب المصحف (يس ـ القمر ـ المعارج ـ الانفطار ـ العاديات ـ القارعة) في سورة يس ذكر (الأجداث) جمع جدث وهو القبر ، وقع الفعل (ينسلون) ومعناه: يمشون مشيا سريعا، دون تصوير لهيئة هذا المشي السريع، وفي سورة القمر صورت هيئتهم عند الخروج، فهم في صورة تشبه صورة الجراد المنتشر، في التزاحم (كأنهم جراد منتشر) عند الخروج من القبور،فهي صورة تلي الصورة التي أجملتها سورة يس.