النص المعجز:
قال تعالى : (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ(49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50). سورة الشورى
تفسير العلماء:
قال ابن جرير الطبرى: ويخلق ما يحبّ خلقَه, وقال الإمام القرطبى: قال أبو عبيدة وأبو مالك ومجاهد والحسن والضحاك: يهب لمن يشاء إناثا لا ذكور معهن ، ويهب لمن يشاء ذكورا لا إناث معهم ،وقال واثلة بن الأسقع : إن من يمن المرأة تبكيرها بالأنثى.
التوجيه العلمى:
هبة الله تعالى للبشر هبة عظيمة ، وهو بقدرته تعالى يهب الذرية لمن يشاء من عباده ، ويجعل من يشاء عقيما ، والجعل الصيرورة ، أى أنه سبحانه وتعالى لم يخلق إمرأة عقيم ، أو رجل عقيم ، والعقم يكون عند الرجال أو النساء بالتقدم فى العمر ، وهذه عملية فسيولوجية لقوة بقاء النسل ، فتنخفض خصوبة المرأة تدريجيًّا مع تقدُّم العمر، أو يكون العقم بأسباب مادية ، فقد بينت الأبحاث خطورة المسكرات والمفترات كشرب الكحوليات والتدخين على حيوية المنويات والبويضات حيث يؤدى إلى تقليل احتمالية حدوث الحمل ، وبالنسبة للمرأة فإن الوزن الزائد يصيبها بالعقم المؤقت لأن هذا يؤدى إلى تكوين طبقة دهنية حول المبايض مما يقلل من وظيفة المبيض فى تكوين البويضات ، والعقم إما أن يكون مؤقتا فإذا زالت أسبابه يأتى النسل ، أو دائما إذا استمرت أسبابه انقطع النسل كالأمراض الجنسية التى تؤدى إلى تدمير المناسل. ولقد حاول العلماء والأطباء منذ عام 1933 محاولات عديدة لفصل المنويات الذكرية عن الأنثوية (العالم كولتزوف والفصل الكهربائى للمنويات )، أو ترسيب المنويات باستخام الألبيومن (Ericsson RJ, et.al. (1973) ، أو بالفصل بقياس انسياب الخلايا المنوية (Flow Cytometer Sperm Separation) بقيادة العالم ريتشارد وأخرون 1997، وتبين بطريقة الفصل هذه أن العينة بها حيوانات منوية ذكرية بنسبة 73 % وعينة بها منويات أنثوية بنسبة 88 % ، ثم تأتى بعد ذلك عملية التخصيب سواء داخل الرحم ، أو خارج الرحم كطفل الأنابيب أو الحقن المجهرى ؛ ثم نقل الجنين المتكون بعد ذلك إلى الرحم ، كما أدت هذه الطرق إلى أن 0.5 -2% من الأجنة الناتجة تكون مشوهة ، وثمت طريقة ثالثة وهى فصل الأجنة فى مرحلة التوتة (6- 8 خلايا) خارج الرحم (Preimplantation genetic diagnosis (PGD) التى قام بها العالمان ( Geraedts & De Wert (2009). ورغم أنها أفضل الطرق إلا أنها لا تخلو من المشاكل فهى تحتاج إلى ثلاث مراحل وهى تحريض الإباضة عن طريق هرمونات جنسية، وسحب البويضات من الجسم عن طريق إبرة مهبلية خاصة تحت التخدير العام ، ويتم بنفس اليوم تلقيح البويضة مجهرياً، والمرحلة الثالثة : وضع الأجنة في حاضنات خاصة وتركها لمدة 3 أيام لحين وصول كل جنين إلى مرحلة 6-8 خلايا ويتم حينها ثقب جدار الجنين وسحب خلية واحدة من غير أي يؤدي ذلك إلى ضرر أو أذى في الجنين وتدرس الخلية بطريقة صبغ الكروموسومات Fluorescence in-situ hybridization (FISH)) لتحديد جنس الجنين. ومع كل هذه المشاق والإنفاق المالى لا تصل النقاوة إلى 100% . ويبقى أن نوقن أن اقتصار الهبة على الإناث أو الذكور ، أو المزاوجة بين الذكران والإناث لها حكمة بالغة لا يعلمها إلا الله وحده ، رغم كل التبريرات التى يذكرها أهل العلم والتخصص.
الإعجاز العلمى :
بدأت الآية الكريمة بالهبة (يهب لمن يشاء) أى من عباده ، والهبة شىء مادى ونفسى ومعنوى عظيم يُسَرُّ بها الموهوب فيشكر الوهاب ، وأعلى مقامات الهبة فى النسل تبكير المرأة بالأناث فتكون هبة مع البشرى لحديث عقبة بن عامر عند ابن ماجه وأحمد
أن النبى ﷺ قال: " من كان له ثلاثُ بناتٍ فصبر عليهن وأطعمهنَّ وسقاهنَّ وكساهُنَّ مِن جِدَتِه كنَّ له حجابًا من النَّارِ يومَ القيامةِ حتى قال الصحابة وواحدة يا رسول الله قال وواحدة)
فأى هبة أعظم من ذلك وهى مقرونة بالحجاب من النار. وأدخل الألف واللام على الذكور دون الإناث لأنهم لهم القوامة عليهن فميزهم بسمة التعريف. ومن حكمته البالغة ألا يكون النسل فى مرحلتى الضعف (الطفولة وكبر السن) لعدم القدرة على الإنجاب (لضعف النطاف وقلتها) ، أو عدم القدرة على تحمل مشاق الحمل والولادة والرعاية والتربية ، بينما يكون فى سن بلوغ الأشد (سن القوة والحكمة والقدرة على التحمل) لأن النطاف هنا تكون قوية وغزيرة ومتتابعة فتنشأ الأجيال القوية السوية تحقيقا لبقاء خلافة الإنسان فى الأرض
(إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً) سورة البقرة/30).
وتبين للعلماء أن الإتيان بالذكر أو بالأنثى على حسب رغبة الزوجين مع كل المحاولات القديمة والحديثة لم تلب هذا الطلب لأن نسبة النقاوة لم تصل إلى 100% وبالتالى ربما يأتى النسل على غير رغبة الزوجين فيكون الندم على الإنفاق المالى الغزير وعلى كثرة المحاولات مع مشقتها، وربما تأتى الأجنة مشوهة بنسبة تصل إلى 2%. وربما يتولد عن هذا الاختيار التجريبى مشاكل قد تعترى الأسرة أو المجتمع ؛ وعلى علماء المسلمين أن يصدروا الفتاوى الشرعية والقوانين الأخلاقية التى تصون الأسرة والمجتمع ، وبيان خطورة النواحى الغير الأخلاقية من هذا العمل. وتبقى الهبة مقرونة بمشيئة الله عز وجل القائمة على العلم والقدرة بالرغم من اجتهادات ومحاولات العلماء
(يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ...)
، وكذلك جعل العقم مؤقتا أو دائما بأسبابه دون أن يكون خلقا من الله عز وجل ، لأن الله هو الحكم العدل ، مما يدل على صدق الرسالة وصدق الرسولﷺ.
المؤلفون | أ.د. حنفي محمود مدبولي |
التصنيف | علوم الحياة |
الوسوم | آيات الخلق إشارات إعجازية |
عدد المشاهدات | 320 |
عدد المشاركات | 0 |
شارك المادة | |
تحميل المادة | تحميل المادة |
التفسير العلمي والدلالة النصية المراد من السماء هي جهة العلو ومنها السحاب القادر علي حمل الماء وبياناَ لقدرة الله الجبار علي إخراج الماء وإنزاله من السماء حيث تقوم الشمس بتبخير مياه البحر بخاراً رطباً دخاناَ يابساَ فإذا صعد الي الطبقة الثالثة من الغلاف الجوي تكاثف فلو كان البرد قوياً اجتمع فيه الماء وتقاطر وأمطر حيث يجتمع السحاب ويتقاطر المطر وممكن أن يتحول الي ثلج لوكان البرد أقوي ولوكان متوسطا لصار ضباباً فهي مراحل متعددة لتكاثف وتبخير مياه البحر بأشعة الشمس ثم تجميعها وحسب درجات الرطوبة بصير الماء أو الضباب أو الثلج .
آيات الكون المنظور ترجمة حقيقية لما جاء في كتاب المسطور –القرآن الكريم- ،وهي تعد رسولا مبلغا لرسالة الله تعالى للعالمين ،فمن لم تستطع قدرته تحصيل كل ما في الكتاب المسطور أو عجز عن قراءة كلماته فإنه لدية قدرة لتحصيل ما في كون الله المنظور، فالآيات مشاهدة (آيات الأنفس والآفاق) ليل نهار ومعك في كل لحظات حياتك أينما وجهت وجهك فثم آيات الله الكونية؛ في السماء والأرض، في البحار والأنهار ، في الجبال والصخور ،في سبع سموات وفي سبع أرضين، كل هذه الآيات تنطق بقدرة ودقة الصانع .وإن عجزت أن تصل إلى آيات الآفاق- وهذا مستحيل- فلن تعدم وصولا لآيات الأنفس بصرا وبصيرة: "وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ "(الذاريات:21). أي: وفي أنفسكم أيها الناس آيات وعِبر تدلكم على وحدانية صانعكم، وأنه لا إله لكم سواه، إذ كان لا شيء يقدر على أن يخلق مثل خلقه إياكم ( أَفَلا تُبْصِرُونَ ) يقول: أفلا تنظرون في ذلك فتتفكروا فيه، فتعلموا حقيقة وحدانية خالقكم(). كل هذه الآيات المبثوثة في آيات الآفاق والأنفس دلائل دامغة على أن للكون خالقا قديرا بديع السموات والأرض، وهذه الآيات تتطلب إعمال العقل تماما كما يطلب منا القرآن الكريم إعمال العقل بالتدبر في آيات الكتاب المسطور فكلاهما من منبع ومورد واحد من عند الله ، فالقسم الأول من الآيات(الكتاب المسطور) هو وحى الله ، والقسم الثاني منها ( الكتاب المنظور آيات الأنفس والآفاق) هو خلق الله ، فالمصدر، إذن، واحد... وقد لفت القرآن الكريم الأنظار والعقول إلى التأمل في آيات الكون والمنظومة الكونية في آيات كثيرة ؛ لأنها سبيل للوصول إلى الحقائق والتي من أعظمها وأصدقها أنه –سبحانه- الحق، الحق في توحيده وأنه الخالق والمستحق وحده للعبودية قال تعالى: "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" (فصلت:53).
بيان ما جاء في قوله تعالي "أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق ..." اللهم صيباً نافعاًالتفسير العلمي والدلالة النصية الصيب وهو المطر الذي يأتي معه الرعد والبرق أو السحاب الذي يأتي بالمطر وهنا الظلمات علي ثلاث هما ظلمة تكاثفه بتتابعه وظلمة الغمامة وهذا مع ظلمة الليل والتي يوضح فيها البرق والاخيرة ظلمة تتابع المطر ، ويعرف الرعد بصوته والبرق بضوءه والإثنان من أمر حدوث المطر ثم تأتي النار مع البرق فتكون الصواعق وهذه الأمور شاهدها العلم الحديث وفهمها وهي من ميكانيكية الدورة العامة للرياح الذي يقود السحاب لنزول المطر.