قال تعالى: {مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ *بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ} [الرحمن: 19-20] تتحدث الآيات الكريمات عن بحرين مالحين متجاورين متداخلين ويحتفظ كل منهما بخصائصه، وكأن بينهما حاجزاً يمنعهما من الاختلاط. وذكر اللؤلؤ والمرجان في الآيات دليل على أنهما بحرين مالحين، لأنهما لا يُستخرجان إلا من البحار المالحة تبدو المحيطات والبحار المالحة المتجاورة بالعين المجردة كأنها كتلة مائية واحدة متحدة الصفات، لكنها في الحقيقة جملة كتل مختلفة الصفات في الملوحة والحرارة والكثافة، ولم يدرَك ذلك إلا باستخدام التقنيات الحديثة، ومع ذلك ذكر القرآن الكريم تلك الأوصاف، فدل على تمايز كل بحرين مالحين متجاورين لأنهما يتداخلان فيما بينهما دوماً ولا يمتزجان وكأن بينهما حاجزاً يمنع اختلاط مياههما.
قال تعالى: ﴿أَوۡ كَظُلُمَٰتٖ فِي بَحۡرٖ لُّجِّيّٖ يَغۡشَىٰهُ مَوۡجٞ مِّن فَوۡقِهِۦ مَوۡجٞ مِّن فَوۡقِهِۦ سَحَابٞۚ ظُلُمَٰتُۢ بَعۡضُهَا فَوۡقَ بَعۡضٍ إِذَآ أَخۡرَجَ يَدَهُۥ لَمۡ يَكَدۡ يَرَىٰهَاۗ وَمَن لَّمۡ يَجۡعَلِ ٱللَّهُ لَهُۥ نُورٗا فَمَا لَهُۥ مِن نُّورٍ ٤٠﴾ [العنكبوت] أشارت الآية الكريمة إلى ظاهرة الظلمات في البحار العميقة بتعبير البحر اللُّجِّي وهو البحر العميق، وأن الظلام في هذه البحار ظلام متدرج فالسحب الكثيفة التي تغطي هذه البحار تعكس قدراً من ضوء الشمس والبحار تعكس بأمواجها السطحية جزءاً آخر من هذا الضوء ثم تمتص المياه ألوان طيف الشمس لوناً بعد آخر حتى تختفي ألوان الطيف تماماً.