مكانة غير المسلمين في الاقتصاد الإسلامي مجال الضمان الإجتماعي 1
إن المتأمل في آيات الأحكام يجد إعجازا تشريعيا ،فكل حكم يلتزم به المسلم لا بد من ربطه بجانب أخلاقي أو روحي ؛والهدف من ذلك تنمية الاستجابة للحكم داخل الضمير الإنساني والمجتمع، وسنعرض بعض النماذج التطبيقية على ربط الحكم الشرعي بالجانب الروحي والخلقي فقبل عرض أحكام المواريث (في سورة النساء) بداية من الآية الحادية عشر يأتي الأمر من الله بتقوى ومراقبته ،حيث افتتحت سورة النساء بأمر الناس جميعا بالتقوى، والحث على العبادة في إخلاص، والأمر بصلة الأرحام، وبيَّنت الآيات الأسباب الداعية لإقامة ورعاية تلك العلاقات على أسس متينة من التقوى والعدل، حيث إنه- وإن بث البشر في أقطار المعمورة -فقد خلقهم قبل ذلك من نفس واحدة، فهم يرجعون إلى أصل واحد، مما يستدعي عطف بعضهم على بعض، و يستوجب حنو بعضهم على بعض لإشاعة المودة وإفشاء التعاون والمحبة تحت مظلة الدين الخاتم، فجاء الأمر بالتقوى مقرونا بصلة الأرحام والنهي عن قطيعتها، لتأكيد أن لزوم تلك الحقوق، كلزوم القيام بحق الله تعالى، ففي هذه السورة يتم تجسيد ملامسة الفطرة الإنسانية في وشائجها وعلاقاتها الفطرية، رسما لمنهج مجتمع فاضل، تحكمه روابط أصيلة وتسيره أوامر رب العالمين بمقتضى الفطرة، وقطعا لدابر أي انحراف .
فالإسلام قبل أن يكلف أحدا بأمر ما لا بد من تهيئته للحكم التكليفي ، وقد تم ذلك في الأحكام المتعلقة بالميراث ،حيث جاء التمهيد العام لاستقبال أحكام الميراث بإثبات الملكية المطلقة لله وأنه سبحانه له ميراث السماوات والأرض وأن ملكية الناس للمال هي ملكية استخلاف ،وهذا التمهيد يجعل النفوس تبذل المال وتنصاع للأحكام التي تخصه دون نزاع أو اعتراض ،قال تعالى : ﴿ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ (آل عمران: 180). وقال سبحانه :﴿ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ (الحديد: 10) .وإن المتأمل لهاتين الآيتين الكريمتين يلفت انتباهه أمور منها:
تعددت أوجه الإعجاز التشريعي في أحكام المواريث، من حيث ورود آيات المواريث وترتيبها، وقد تبين ذلك من خلال الآيات المجملة لأحكام الميراث(يراجع آية 7-8 من سورة النساء).وآية (ل74-75) من سورة الأنفال. ثم جاءت الآيات المفصلة لأحكام الميراث آية (11،12 ، 176) من سورة النساء.
أسماء السور في القرآن الكريم لها دلالتها، فكل اسم يعبر عن حدث في السورة يعطى لـه القرآن الكريم أهمية خاصة أو درجة أهمية معينة. نزيـد هـذا الأمر وضوحاً: أسماء السور في القرآن الكريم تعطى دلالة معينة، إنها تشير إلـى خصوصية من نوع معين لموضوع هذا الاسم في السورة، وتسمية سورة النساء بهذا الاسم يحمل وجه إعجاز. يتمثل هذا الإعجاز في عناصر متعددة منها:
كان مناط الميراث عند العرب قبل الإسلام (الرجولة والقوة ) فكانوا لا يجعلون من الميراث حظا للنساء ، ولا الأولاد الصغار ، ولا يرث الرجل إذا مات من أبنائه إلا من أطاق القتال ، ولهذا كانوا يعطون الميراث للأكبر فالأكبر . كما كان العرب يتوارثون بالحلف والمعاقدة ، فكان الرجل يعقد مع الرجل – ليس بينهما نسب أو قرابة – حلفاً على التناصر ، فإذا مات أحدهما ورثة الآخر ، ويحرم ابنه وأخوه من الميراث إذا كان لا يطيق القتال ، ويحرم من الغنيمة. و كان الأمر قريباً من هذا النظام في التوريث لدى اليهود .
آيات الأحكام المرتبطة بالمواريث جاءت غاية في الإيجاز البليغ، مع شُمُولها كلَّ جوانب الأحكام التي تتناولها؛ فهي مُوجزة وشاملة، والجمعُ بين الشُّمول والإيجاز لون من الإعجاز التشريعي، فهناك آيتان مُتتاليتين في سورة النِّساء، وآية ثالثة، في آخر السُّورة نفسها، هذه الآيات الثَّلاث جمعت أغلب قواعد وأحكام علم الميراث- الذي شرح في أسفار كبيرة- وجمعت نصيب كل وارث في التركة ،بل وأعطت غير الوارثين عطاءات أخرى مثل الوصية المستحبة، مما سهل على الفقهاء التعامل مع علم المواريث من زوايا متعددة، فبدأوا بالحديث عن الحقوق المتعلقة بالتركة وترتيبها، وأسباب الميراث وشروطه وموانعه، وأنواع الورثة وبيان نصيب كل واحد، وبيان من يحجب من الميراث ...، وهذا يدل دلالة واضحة على اتساع الرؤية الفقهية- المستنبطة من آيات الميراث قليلة العدد- في استيعاب الأحكام المتعلقة بالميراث. كما أحكام المواريث قد صيغت بدقة عالية ، فجل الأحكام التي استنبطها العلماء في المواريث مرجعها إلى بضع آيات في سورة النساء ،وبعض الأحاديث، وهذا إعجاز أيضاً يضاف إلى رصيد هذه النصوص الشرعية، وأقول جازماً بأنه لا يمكن لأي نص قانوني من وضع البشر أن يشتمل على كل هذه الأحكام الكثيرة- وهذا بغض النظر عن العظمة والدقة في هذه الأحكام-، وكل هذا يدل دلالة واضحة على إعجاز هذه النصوص لكل البشر حتى لو اجتمعوا لذلك، وصدق الله القائل: ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً﴾ (الإسراء: 88).
إن المتأمل في آيات الأحكام يجد إعجازا تشريعيا ،فكل حكم يلتزم به المسلم لا بد من ربطه بجانب أخلاقي أو روحي ؛والهدف من ذلك تنمية الاستجابة للحكم داخل الضمير الإنساني والمجتمع، وسنعرض بعض النماذج التطبيقية على ربط الحكم الشرعي بالجانب الروحي والخلقي فقبل عرض أحكام المواريث (في سورة النساء) بداية من الآية الحادية عشر يأتي الأمر من الله بتقوى ومراقبته ،حيث افتتحت سورة النساء بأمر الناس جميعا بالتقوى، والحث على العبادة في إخلاص، والأمر بصلة الأرحام، وبيَّنت الآيات الأسباب الداعية لإقامة ورعاية تلك العلاقات على أسس متينة من التقوى والعدل، حيث إنه- وإن بث البشر في أقطار المعمورة -فقد خلقهم قبل ذلك من نفس واحدة، فهم يرجعون إلى أصل واحد، مما يستدعي عطف بعضهم على بعض، و يستوجب حنو بعضهم على بعض لإشاعة المودة وإفشاء التعاون والمحبة تحت مظلة الدين الخاتم، فجاء الأمر بالتقوى مقرونا بصلة الأرحام والنهي عن قطيعتها، لتأكيد أن لزوم تلك الحقوق، كلزوم القيام بحق الله تعالى، ففي هذه السورة يتم تجسيد ملامسة الفطرة الإنسانية في وشائجها وعلاقاتها الفطرية، رسما لمنهج مجتمع فاضل، تحكمه روابط أصيلة وتسيره أوامر رب العالمين بمقتضى الفطرة، وقطعا لدابر أي انحراف .
السماحة واليسر ودفع الضرر والمشقة من أهم معالم الشريعة الإسلامية وخصائصها؛ من أجل ذلك جاءت أحكام الشريعة الإسلامية متناسقة ومتناسبة مع الظروف والأحوال والزمان والمكان، ولو تتبعنا هذه الأحكام لوجدنا ذلك جليا
النص المعجز: (وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ (4) سورة الرعد المعانى اللغوية: الصنوان : هي النخلات في أصل واحد ، وغير الصنوان : المتفرقات ، وقال أهل التفسير صنوان : مجتمع ، وغير صنوان : متفرق ، والجنات: هى الأشجار. تفسير الآية: والنخيل التي بعضها (صِنْوَانٌ) وهى الأصول المجتمعة في منبت واحد ، (وَغَيْرُ صِنْوَانٍ) المتفرقة ، والجميع (يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ) وأرضه واحدة ، (وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ) لونا وطعما ونفعا ولذة؛ فهذه حلوة وهذه مرة وهذه بين ذلك.
كان مناط الميراث عند العرب قبل الإسلام (الرجولة والقوة ) فكانوا لا يجعلون من الميراث حظا للنساء ، ولا الأولاد الصغار ، ولا يرث الرجل إذا مات من أبنائه إلا من أطاق القتال ، ولهذا كانوا يعطون الميراث للأكبر فالأكبر . كما كان العرب يتوارثون بالحلف والمعاقدة ، فكان الرجل يعقد مع الرجل – ليس بينهما نسب أو قرابة – حلفاً على التناصر ، فإذا مات أحدهما ورثة الآخر ، ويحرم ابنه وأخوه من الميراث إذا كان لا يطيق القتال ، ويحرم من الغنيمة. و كان الأمر قريباً من هذا النظام في التوريث لدى اليهود .