قال تعالي : "۞وَٱلۡوَٰلِدَٰتُ يُرۡضِعۡنَ أَوۡلَٰدَهُنَّ حَوۡلَيۡنِ كَامِلَيۡنِۖ لِمَنۡ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَۚ وَعَلَى ٱلۡمَوۡلُودِ لَهُۥ رِزۡقُهُنَّ وَكِسۡوَتُهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ لَا تُكَلَّفُ نَفۡسٌ إِلَّا وُسۡعَهَاۚ لَا تُضَآرَّ وَٰلِدَةُۢ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوۡلُودٞ لَّهُۥ بِوَلَدِهِۦۚ وَعَلَى ٱلۡوَارِثِ مِثۡلُ ذَٰلِكَۗ فَإِنۡ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٖ مِّنۡهُمَا وَتَشَاوُرٖ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِمَاۗ وَإِنۡ أَرَدتُّمۡ أَن تَسۡتَرۡضِعُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُمۡ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ إِذَا سَلَّمۡتُم مَّآ ءَاتَيۡتُم بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ"
المعارضة معناها الإتيان بمثل القرآن أو بمثل سورة منه، وقد تحدى القرآن العرب، وتدرّج في التحدّي بدءا بتحديهم أن يأتوا بالقرآن (فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين)(الطورا/34) وقال أيضا: (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين)(البقرة/23) بل إن القرآن زاد من استفزازهم، وهم أهل عناد ولدد في الخصومة، حينما قال : (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل القرآن لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) (الإسراء/88) ولأن العرب كانوا أهل إنصاف في البيان، ترك الله لهم اختيار من يشهد أنهم أتوا بمثله (وادعوا شهداءكم من دون الله) ولكن العرب عجزوا عن كل هذا ، واختاروا الحروب وإراقة الدماء والحروب، على الإتيان بمثل سورة من القرآن، ولو كانوا يقدرون على الإتيان بسورة من مثل سورة إن أعطيناك الكوثر ، أو قل هو الله أحد ، لقالوا يامحمد هذه المعجزة التي تحديتنا بها أتينا بمثلها، ووقتها تسقط دعوة الإسلام، لأن كتاب الله هو الحجة الباقية الدائمة، وليس كالمعجزات الحسية، التي يكون أثرها لمن حضرها، ولم يثبت تاريخيا أي معارضة حصلت للقرآن الكريم ، ومانسب إلى مسيلمة الكذاب كلام فارغ لايقوله عاقل لأنه لامعنى له إذ نسب إليه أنه قال ـ معارضا ـ إنا أعطيناك الجماهر فصل لربك وجاهر، أو والزراعات زرعا فالحاصدات حصدا فالطاحنات طحنا فالعاجنات عجنا فالخابزات خبزا ,,, وهذا كلام أجوف لامعنى له وأنى لهذا من سورة الكوثر والفيل والنازعات، وقد ثبت عجز العرب عن معارضة القرآن، وكل ماقيل من معارضة القرآن كان شائعة فقد نسب لأبي العلاء المعري أنه عارض القرآن الكريم وأنه صنع كتابا سماه (الفصول والغايات) ولما انتشرت الطباعة، وطبع الكتاب عنوان الفصول والغايات في تمجيد آلاء الله وذكره، وكله في الثناء على الله وحمده، وذكر آلائه، فقد تبين باليقين أنه لم يكن هناك معارضة للقرآن، ولقد أعلنها صنديد من صناديد الكفر ذلك حينما قال عند سماع القرآن : إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر ، وإنه يعلو وما يعلى عليه، وماهو بقول بشر، وهؤلاء الذين عجزوا عن المعارضة، هم أفضل الأجيال العربية قوة في البيان، إذ لايتحدى الله ضعفاء، فهم أقوى العرب قاطبة.
توافر العينية والنقدية في الزكاة بحيث تستوعب, وترشد كل التصرفات الممكنة من المستفيدين, وتؤسس لكل السياسات المحتملة للمساعدات الاجتماعية، ومن هنا يكون تشريع الزكاة الذي يجمع بين العينية والنقدية معجزاً ؛لأنه يستوعب كل الاحتياجات تحت أي تطور يمر به الإنسان، وتمر به المجتمعات. وإعطاء مساعدات في صورة عينية له تطبيقاته في المجتمعات المعاصرة، سواء المجتمعات التي تصنف على أنها متقدمة أم المجتمعات التي تصنف على أنها نامية. هذا واقع قائم لا يمكن إنكاره. وليست مساعدات على مستوى الأفراد بل-أيضاً- مساعدات على مستوى جهاز الدولة, ومساعدات بين الدول، وهذا الأمر الأخير معروف. يعنى ذلك أن المجتمعات المعاصرة التي اصطبغت بصبغة نقدية رأت في العينية -في مجال المساعدات الاجتماعية- كفاءة وملاءمة لم تجدهما في النقدية.
من خلال تحليل فرض الزكاة على الثروات والدخول يتبين الآتي: 1- تفرض الزكاة على الثروات المكتنزة، فالزكاة تفرض على عين هذه الثروة, وتؤدى منها، وهذا يعنى أن هذه الثروة المعطلة تتآكل ؛لأنها لم تكن في خدمة مالكها ولم تؤد وظيفة إيجابية لمجتمعها بحيث تسهم في تقدمه وسد احتياجاته. 2- الثروات التي تحولت إلى أصول رأسمالية منتجة لا تفرض الزكاة على عينها, وإنما تفرض على الدخل الذي يتولد منها، والأمر على هذا النحو فيه حفظ للثروات التي أصبحت أصولاً منتجة وعلى هذا أصبحت في خدمة صاحبها وخدمة مجتمعها، وهذا الأمر في أعلا درجات الكفاءة الاقتصادية؛ لأنه يحافظ على الأصول المنتجة في المجتمع فلا يجبر صاحبها على بيعها؛ ليؤدي الزكاة المفروضة عليها. 3- دخل الفرد يتوزع على الاستهلاك وعلى الادخار، هذه هي الحالة العادية، والتصرف الصحيح هو أن تتحول الادخارات إلى استثمارات، وهذا ما يرتبط به الاقتصاديون، وهو تحويل الادخارات إلى استثمارات يؤمن الهدفين اللذين يقوم عليهما الاقتصاد وهماك تقدم المجتمع, واستقراره، ففرض الزكاة على الثروة المكتنزة يعنى أنها تفرض على الادخارات (دخل تحول إلى ثروة) التي لم توجه إلى الاستثمار، والزكاة من هذا الجانب تحقق مطالب المجتمع على الادخارات من حيث دفعها إلى الاستثمار وما يتضمنه ذلك من كفاءة اقتصادية. ولا شك أن مصلحة الفرد صاحب الادخارات تتحقق بطريقة مباشرة له, وكذلك من حيث تحقيق مصلحة المجتمع.
القرآن الكريم معجز في تقسيمه إلى سور، وهذه السور ترتيب آياتها بتوقيف من الله ـ عز وجل ـ ولم يكن باجتهاد من الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ وكل سورة لها هدف واحد تسعى تراكيبها إلى إليه، وكل سورة بنيت بناء بلاغيا مشيدا يستعصي على التقديم والتأخير أوالتغيير والتبديل، لذلك كان تحدي العرب بالسورة لا بالآية، قال تعالى ـ (أم يقولون افتراه قل فائتوا بسورة مثله، وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين) (يونس/38) وقال أيضا (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين)(البقرة/23) وقال أيضا (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين) (هود/14) ولم يتحد القرآن بأقل من سورة، والسورة تطلق على القصيرة والطويلة ، لذا خرج الإتيان بمثلهاعن طوق الإنس والجن قاطبة، وقد أجمع أهل العلم قاطبة على أن أقل مايعجز عنه من القرآن السورة قصيرة كانت أو طويلة أو ماكان بقدرها، وكل سورة برأسها معجزة، ذلك أن كل سورة متلائمة المباني، منتظم أولها بآخرها، كسور المدينة في صحة الانتظام، وحسن الالتئام، والإحاطة بالمباني، التي هي كالمعاني، والتقاء الطرفين حتى صار بحيث لايدرى أوله من آخره، والتحدي بسورة يشمل أقصر سورة كالكوثر، والتسوير من خصائص الذكر الحكيم، وقد ذكر أهل العلم أن الحكمة في تسوير القرآن سورا تحقيق كون السورة بمجردها معجزة، وآية من آيات الله والإشارة إلى أن كل سورة نمط مستقل، كما أن تلك السور متخالفة المقادير فهي كأنواع من جواهر نفيسة متفاوتة الأحكام، كما أن الحافظ إذا حذق السورة اعتقد أنه أخذ من كتاب الله طائفة مستقلة بنفسها لها فاتحة وخاتمة فيعظم عنده ماحفظه، وغير ذلك من فوائد تسوير القرآن التي ذكرها أهل العلم.
لغة العرب لغة مليئة بحروف المعاني، والحروف نوعان حروف معان، وهي الحروف التي تنوب عن المعنى ، مثل همزة الاستفهام هي تنوب عن معنى أستفهم، ويا حرف ينوب عن أنادي، وهكذا أما حروف المباني، فهي الحروف التي تكون الكلمة، فكلمة يوفي الحرفان (في) حرفا مبنى في تكوين الكلمة، أما (في) فحرف معنى في قولنا نحن في البيت، ولنقف عن اصطفاء حرف من حروف المعاني في الذكر الحكيم، وإعجاز بيانه، فلنأخذ حرف الجر (على) ونقف عنده لبيان جلال معناه، وحرف الجر (على) هو حرف استعلاء، بيد أنه كثير التصرف، واسع الحركة، يتيح للناظم والناثر بحقيقته ومجازه أن يعبر عن مقاصده المختلفة. قال تعالى (الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحق) (إبراهيم/39) قال المفسرون عل هنا بمعنى مع ، ولكن القرآن لم يقل مع الكبر لبيان أن كبر السن يؤدي إلى استعلاء تقدم السن على صاحبه فيكون ذا سلطان عليه، ذلك أن الكبر من شأنه أن يمنع بمقتضى العادة من الإنجاب وهو سبب في الظاهر قاهر متغلب، إلا أن الله ـ تعالى ـ شاء أن يخرق ماجرت به العادة، ويقهر ماخلق من أسباب إدلالا على عظيم قدرته وإطلاق يده فيما خلق، وتكريما لمن خرقت من أجله النواميس، وحطمت بسببه ظواهر العادات، مما جعل إبراهيم يلهج لسانه ثناء على الله وشكرا له، فالاستعلاء المجازي هو استعلاء قدرة الخالق على الكبر الذي هو مانع قاهر في مجرى العادة من حصول الولد، فلو قيل: مع الكبر لما أوحى بمعنى الاستعلاء على الأسباب وقهرها كما يوحي به حرف الاستعلاء. ومثله قوله ـ تعالى ـ (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) (الإنسان/8) فقد مدحهم الله بكمال الإيثار في بذل ما بأيديهم من طعام هم في أمس الحاجة إليه، متعالين بذلك على هوى النفس قاهرين لشهوة البطن، في سبيل غاية أسمى، وهدف أنبل، وهو رضا الله ـ تعالى ـ ونيل ماعنده، فعلى هنا على أصلها من الاستعلاء المجازي، علوا على رغبات النفس وقهرا لشهواتها، وذلك لون من التتميم البديع الذي ينشر جوا من المبالغة في بذل ما يملكه الإنسان وتضن به نفسه ابتغاء مرضاة الله.
النص المعجز: قال تعالى: ﴿ وأنزلنا من السماء ماءً بقدر فأسكناه في الأرض﴾ [سورة المؤمنون:18].
الزكاة ركن من أركان الإسلام، وهذا جعلها في وعاء واحد مع الصلاة, والصوم, والحج، مما يدل على أن الزكـــــاة معجـــــزة من حيث درجـــــة الإلزام والأهميــــــــة، فهي حق مفروض متى توافرت شروطها، والأدلة القرآنية والنبوية كثيرة جدا في وجوب الزكاة، يضاف إليهما إجماع الأمة على ذلك، ويتعضد هذا الالتزام بربط القرآن الكريم بين الصلاة ,والزكاة في آياته، وأن الدولة ملتزمة بمحاربة مانعي الزكاة –كما حدث من سيدنا أبي بكر خليفة المسلمين الأول:" والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله ﷺ لقاتلتهم على منعه ، فقال عمر : فوالله ما هو إلا أن رأيت أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق
بعض الأموال التي تفرض عليها الزكاة يعتبر فيها الحول، بينما أموال أخرى تجب فيها الزكاة بمجرد الحصول عليها، وهناك أموال يلزم لها الحول ،ويحسب هذا الحول بمجرد امتلاك النصاب، فإذا امتلك النصاب في أول المحرم تجب الزكاة بعد عام من هذا التاريخ، وإذا امتلكه في الثاني من المحرم تجب الزكاة بعد عام من هذا التاريخ ...
إن الناظر في طبيعة التشريع في فريضة الزكاة -بالنسبة لمصارف الزكاة- يجدها قد حددت تحديداً قطعياً في القرآن الكريم في قول الله -عز وجل- : ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾(التوبة: 60).
يقول الله سبحانه وتعالى:" أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لايهدى القوم الظالمين" (التوبة: 109). تناولت الآية عدة عوامل ذات تأثير فعال ومباشر في تأسيس أساسات المنشأ، فالتعبير القرآني (أسس بنيانه) يعطى دلالة هندسية، فعند ذكر التأسيس والأساس لابد أن يكون هناك أحمال ناشئة من البنيان تستلزم إنشاء أساسات لها، واختيار نوع مادة الأساس طبقا لذلك، ولفظة (على) في قوله (على شفا جرف هار) لها معني هندسي، يفيد أن نوع الأساس المختار هو الأساسات السطحية وليس أساسات عميقة، لأنه لو كانت أساسات عميقة لكان التعبير المناسب هو (في شفا) وليس (على شفا).
(وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) ( الروم : 23 ) . يقول ابن كثير : أي ومن الآيات ما جعل لكم من صفة النوم في الليل والنهار ، فيه تحصل الراحة وسكون الحركة ، وذهاب الكلال والتعب ، وجعل لكم الانتشار والسعي في الأسباب والأسفار في النهار ، وهذا ضد النوم ، ( إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون ) أي يعون