نقطة الأساس في هذا المجال أن الأسس والمبادئ العامة التي يقوم عليها الاقتصاد الإسلامي في كل جوانبه قام الإسلام بوضعها صراحة، أو تستمد عن طريق الاجتهاد من مبادئه العامة. ومن الحقائق الثابتة أن الإسلام قد وضع الخطوط الثابتة والمبادئ العامة، والقواعد الشاملة التي لا تخرج أطوار الإنسان في النهاية عن حدودها. وترك التطبيقات لتطور الزمان وبروز الحاجات في حدود مبادئه العامة وقواعده الشاملة، ولم يدل بتفصيلات جزئية مقيدة إلا في المسائل التي لا تتغير حكمتها والتي تؤدي أغراضها كاملة في كل بيئة، والتي يريد الله تثبيتها في الحياة البشرية لأنها ضمان للخصائص التي يرتضيها لهذه الحياة.
أولاً: أن المبادئ التي تقوم عليها البنوك الإسلامية في عملها وتحقيق أهدافها تتمتع بقدر كبير من الثبات والاستقرار ويتضح ذلك من قيام البنوك الإسلامية على مجموعة من الأصول والمبادئ الثابتة. وهي مبادئ وأصول لا تصطدم مع الواقع أو فطرة الإنسان لأن واضعها هو الخالق العليم بشئون خلقه.
لما كانت البنوك الإسلامية جزءاً من نظام كلي متكامل هو الشريعة الإسلامية، فكان لابد أن يكون من الضوابط الحاكمة لها هو ضابط الحلال والحرام باعتباره قيداً عاماً في الشريعة الإسلامية يرد على كل تصرف أو عمل يقوم به الفرد، ويمتد ذلك بالطبع إلى مجال البنوك الإسلامية، وبالتالي ما كان من السلع والخدمات حراماً فإن طاقات المجتمع وموارده ينبغي أن تصان عن أن تهدر في إنتاجه. ولذلك يحرم على القائمين على أمور البنوك الإسلامية أن يوجهوا مواردها للقيام بتمويل أي نشاط غير مشروع مثل إنتاج الخمور وإقامة الملاهي وغيرها من الأنشطة غير المشروعة.
قال تعالى: وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ . (سورة الحج : 27) . تفسير السعدى { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ } أي: أعلمهم به، وادعهم إليه، وبلغ دانيهم وقاصيهم، فرضه وفضيلته، فإنك إذا دعوتهم، أتوك حجاجا وعمارا، رجالا، أي: مشاة على أرجلهم من الشوق، { وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ } أي: ناقة ضامر، تقطع المهامه والمفاوز، وتواصل السير، حتى تأتي إلى أشرف الأماكن، { مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ } أي: من كل بلد بعيد، وقد فعل الخليل عليه السلام، ثم من بعده ابنه محمد صلى الله عليه وسلم، فدعيا الناس إلى حج هذا البيت، وأبديا في ذلك وأعادا، وقد حصل ما وعد الله به، أتاه الناس رجالا وركبانا من مشارق الأرض ومغاربها .
الخمر ، التدخين ، المخدرات ، المفترات كان العرب ، يشربون الخمر على كل حال ، وكانوا ينشدون فيها الأشعار، وتقع لهم بشربها الرزايا والبلايا. ومن حكمة الله أنه أخر تحريمها حتى بعد غزوة أحد في السنة الثالثة من الهجرة ، لأنها لو حرمت في أول بعثته ﷺ لامتنع كثيرمن الناس من دخول الإسلام من أجلها ، كما بينت أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها (... ولو نَزَلَ أوَّلَ شَيءٍ: لا تَشْرَبُوا الخَمْرَ، لَقالوا: لا نَدَعُ الخَمْرَ أبَدًا، ولو نَزَلَ: لا تَزْنُوا، لَقالوا: لا نَدَعُ الزِّنَا أبَدًا) رواه البخارى.
الأصل فى أمور الدنيا الإباحة إلا ما بين الشرع تحريمه والأدلة على ذلك: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ (32)سورة الأعراف ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1)المائدة ، (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ..(4) الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ..(5) سورة المائدة ، (قلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ .. (145) سورة الأنعام
أحل الله النكاح من الْمُحْصَنَاتُ الْمُؤْمِنَاتِ ، وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنا ، قال تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) وهذا أصل فى نكاح المرأة بشرط : (إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ) وبين أن هذا من الإيمان (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5) سورة المائدة. وحرم الله تعالى الزنا (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) سورة الإسراء. وحرم اللواط (وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ ۗ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (74) سورة الأنبياء، وقال النبي ﷺ "إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط " رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.
كرر القرآن الكريم ذكر البيت في معناه الأهم وهو مأوى الأسرة، فورد استخدامه في معانيه المتنوعة خمسا وستين مرة، منها ثلاث وأربعون مرة بمعنى منازل الناس التي يلوذون إليها في معاشهم ومنامهم وعشرتهم في الدنيا، على مختلف صور تلك المنازل، حصونا كانت أو خياما أو بيوت من حجر، وسواء أكانت للأنبياء أم لغيرهم من الناس، فالبيت من أساسيات الأسرة، وهو مأوى أفرادها، وتكرار ذكره يشير إلى أهميته، والاهتمام بساكنيه.
لم يصف القرآن الكريم عقداً من العقود بما وصف به عقد الزواج، فقد وصفه بأنه الميثاق الغليظ، قال تعالى: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} (النساء :21)
الآية موضع الإعجاز: (.. فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223) سورة البقرة
النص المعجز: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) سورة البقرة
الآية موضع الإعجاز: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223) سورة البقرةالمعانى اللغوية وأقوال المفسرين: أصل الحرث شقٌّ السطح الملتئم وإثارته، ومنه شق الأرض بالمحراث وتقَلْيب تربتها وتجهيزها لإلقاء البذور فيها ، والحرث: أيضا الزرع. قال ابن جرير الطبرى: وقوله: (نساؤكم حرث لكم) قال ابن عباس: الحرث موضع الولد (فأتوا حرثكم أنى شئتم) أي: كيف شئتم مقبلة ومدبرة في صمام واحد (يعنى الفرج). وروى البخاري بسنده عن جابر بن عبد الله: كانتِ يَهودُ تقولُ من أتى امرأتَهُ في قُبلِها من دبرِها كانَ الولدُ أحوَلَ فأنزلَ اللَّهُ سبحانَهُ "نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أنَّى شِئْتُمْ". وقال القرطبي، والفخر الرازي والطاهر بن عاشور: (لفظة الحرث فيها تشبيه بليغ ؛ لأن النساء مزدرع الذرية، فشبه الله رحم المرأة كالأرض، والنطفة كالبذر، والولد كالنبات). وشبهت المرأة بالأرض لأن كليهما يمد الوجود الإنسانى بأسباب بقائه. ومن الناحية البلاغية كلمة (حرث) جاءت مصدر وذلك للمبالغة في فعل الحرث ، ولفت النظر لأهميته.